وهنا يقول: ﴿ٱلۡأَرۡضَ ٱلۡمُقَدَّسَةَ
ٱلَّتِي كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمۡ﴾، كتب الله أن الأرض للمؤمنين. فإذا كان بنو إسرائيل على
الإيمان والتوحيد فإنهم هم أهل البيت المقدس. ولكن لما كفروا بالله وانحرفوا
وأشركوا بالله، فإنهم ليس لهم ولاية على المسجد الأقصى، ولا حجة لهم بهذه الآية: ﴿ٱلَّتِي كَتَبَ ٱللَّهُ
لَكُمۡ﴾؛ لأن الله كتبها لهم لما كانوا مؤمنين؛ كما قال في آية
أخرى: ﴿وَلَقَدۡ كَتَبۡنَا فِي ٱلزَّبُورِ
مِنۢ بَعۡدِ ٱلذِّكۡرِ أَنَّ ٱلۡأَرۡضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ ٱلصَّٰلِحُونَ﴾ [الأنبياء: 105] من
كل أمة ومن كل جيل، أما الكفار والمشركون فلا يرثونها؛ لأنها ليست من إرث الآباء
والأجداد، وإنما هي من إرث الأنبياء عليهم بالصلاة والسلام، وورثة الأنبياء هم
المؤمنون من كل زمان ومكان.
فولاية بيت المقدس أو غيره من المساجد إنما هي للمؤمنين، سواء، كانوا من
بني إسرائيل أو من غيرهم.
ولهذا خرج موسى عليه السلام ليُخلِّص بيت المقدس من الكفار. ولا فرق بين أن
يكون الكفار من اليهود أو من النصارى... أو من غيرهم، لا يجوز أن يُتركوا ليستولوا
على بيت المقدس والمسجد الأقصى؛ فهو ليس خاصًّا بالعرب أو الروم أو الفرس... أو
غيرهم، إنما هو للمسلمين من أتباع الرسل عليهم الصلاة والسلام، ولا خصوصية لبني
إسرائيل بعدما كفروا بالله عز وجل.
ولهذا الصحابة رضي الله عنهم بقيادة عمرو بن الخطاب - خَلَّصوا بيت المقدس
من أيدي النصارى الذين حَرَّفوا دين المسيح عليه السلام وصاروا على الشرك والكفر
بالله عز وجل، فصار في قبضة المسلمين.