×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثاني

﴿قَالَ رَجُلَانِ مِنَ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمَا [المائدة: 23]، هؤلاء من صلحائهم، ومن المؤمنين الصادقين، نصحوهم فقالوا لهم: ﴿ٱدۡخُلُواْ عَلَيۡهِمُ ٱلۡبَابَ أي: اعزموا واهجموا عليهم ﴿فَإِذَا دَخَلۡتُمُوهُ فَإِنَّكُمۡ غَٰلِبُونَۚ إذا هجمتم عليهم أصابهم الرعب، أما أن تنتظروا أن يَخرجوا دون أن تهجموا عليهم فهذا مستحيل.

﴿وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوٓاْ هذا هو محل الشاهد. فالذي أوقع فيهم الرعب والخوف عدم توكلهم على الله سبحانه وتعالى؛ ولذلك أَمَرهم بالتوكل على الله عز وجل: ﴿وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُۥٓۚ [الطلاق: 3]، فلو أنهم توكلوا على الله، وأطاعوا نبيهم، وهجموا على الكفار؛ لنصرهم الله.

ثم ردوا ردًّا أقبح من ذلك: ﴿فَٱذۡهَبۡ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَٰتِلَآ إِنَّا هَٰهُنَا قَٰعِدُونَ [المائدة: 24]، هل هناك أفظع من هذه المقالة، والعياذ بالله؟

فموسى عليه السلام دعا ربه ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي لَآ أَمۡلِكُ إِلَّا نَفۡسِي وَأَخِيۖ فَٱفۡرُقۡ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡفَٰسِقِينَ [المائدة: 25].

فعاقبهم الله عز وجل بالتيه: ﴿قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيۡهِمۡۛ أَرۡبَعِينَ سَنَةٗۛ يَتِيهُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ فَلَا تَأۡسَ عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡفَٰسِقِينَ [المائدة: 26]، فأصابهم التيه في البر، لا يأوون إلى بلد، ولا يدرون أين يذهبون.

ولكن مع هذا لَطَف الله بهم، فأنزل عليهم المَن والسلوى. ولما استسقى موسى عليه السلام وطلب لهم الماء، أَمَره الله أن يضرب الحجر بعصاه، فانفجرت منه اثنتا عَشْرة عينًا. مع عتوِّهم وتمرُّدهم الله عز وجل لم يقطع عنهم رزقهم.


الشرح