فالزنا بذوات المحارم أشد
من الزنا بالأجنبيات، والزنا بزوجة الجار أشد من الزنا بغيرها؛ لأن الجار قد
ائتمنك وله حق الجوار.
وأنزل الله في ذلك قوله عز وجل: ﴿وَٱلَّذِينَ
لَا يَدۡعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ وَلَا يَقۡتُلُونَ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِي
حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَلَا يَزۡنُونَۚ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ يَلۡقَ
أَثَامٗا ٦٨يُضَٰعَفۡ لَهُ ٱلۡعَذَابُ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَيَخۡلُدۡ فِيهِۦ
مُهَانًا ٦٩إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلٗا صَٰلِحٗا فَأُوْلَٰٓئِكَ يُبَدِّلُ
ٱللَّهُ سَئَِّاتِهِمۡ حَسَنَٰتٖۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا ٧٠﴾ [الفرقان: 68- 70].
فذَكَر هذه الجرائم الثلاث: الشرك، وقتل النفس، والزنا.
وهنا يقول: «أَكْبَرُ الكَبَائِرِ
الشِّرْكُ بِاللَّهِ». ﴿وَمَن
يَقۡنَطُ مِن رَّحۡمَةِ رَبِّهِۦٓ إِلَّا ٱلضَّآلُّونَ﴾ [الحجر: 56].
فينبغي للإنسان أن يطمع في رحمة الله وإن عَظُمت ذنوبه، قال عز وجل: ﴿قُلۡ يَٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ
أَسۡرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ لَا تَقۡنَطُواْ مِن رَّحۡمَةِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ
يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ﴾ [الزمر: 53].
فلا يعتمد العبد على جانب الرجاء فقط؛ لأن هذا يُسهِّل عليه المعاصي ويبعده
عن التوبة.
ولا يعتمد على جانب الخوف فقط؛ لأن هذا يقنطه من رحمة الله عز وجل ويبعده
عن التوبة.
ثم قال عز وجل: ﴿وَأَنِيبُوٓاْ
إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَأَسۡلِمُواْ لَهُۥ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَكُمُ ٱلۡعَذَابُ
ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ﴾ [الزمر: 54]، أي: إذا كنتم تريدون هذا الوعد الكريم
فأنيبوا إلى ربكم، يعني: توبوا من الذنوب والسيئات.