×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثاني

وقوله: ﴿قَالَ وَمَن يَقۡنَطُ مِن رَّحۡمَةِ رَبِّهِۦٓ إِلَّا ٱلضَّآلُّونَ: القنوط: استبعاد الفرج واليأس منه. وهو يقابل الأمن من مكر الله. وكلا الأمرين ذنب عظيم؛ لما في القنوط من سوء الظن بالله.

وقوله: ﴿إِلَّا ٱلضَّآلُّونَ أي: عن الهدى.

**********

 قال: «وقوله: ﴿قَالَ وَمَن يَقۡنَطُ مِن رَّحۡمَةِ رَبِّهِۦٓ » هذا استفهام إنكار من الله سبحانه وتعالى، وهو بمعنى النفي، أي: لا أحد يقنط من رحمة ربه. ﴿إِلَّا ٱلضَّآلُّونَ أي: التائهون عن الحق.

وهذه الجملة قالها إبراهيم عليه السلام لما جاءته الملائكة في صورة أضياف يريدون إهلاك قوم لوط.

وكان إبراهيم عليه السلام كريمًا مِضيافًا، قال عز وجل: ﴿وَلَقَدۡ جَآءَتۡ رُسُلُنَآ إِبۡرَٰهِيمَ بِٱلۡبُشۡرَىٰ قَالُواْ سَلَٰمٗاۖ قَالَ سَلَٰمٞۖ فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجۡلٍ حَنِيذٖ [هود: 69]، وفي آية أخرى: ﴿فَجَآءَ بِعِجۡلٖ سَمِينٖ [الذاريات: 26]، وقَرَّبه إليهم، لكنهم لم يأكلوا لأنهم ملائكة، والملائكة لا يأكلون؛ فأوجس إبراهيم عليه السلام في نفسه أن يكونوا أعداء، لكنهم طمأنوه وأخبروه بمهمتهم وأنهم جاءوا لإهلاك هذه القرية.

وزادوه - أيضًا - بالبشرى بالولد، وكان لا يولد له فاستبعد ذلك، فقالوا له: ﴿فَلَا تَكُن مِّنَ ٱلۡقَٰنِطِينَ [الحجر: 55] فقال عليه السلام: ﴿قَالَ وَمَن يَقۡنَطُ مِن رَّحۡمَةِ رَبِّهِۦٓ إِلَّا ٱلضَّآلُّونَ هذا محل الشاهد، أي: لا أحد يقنط من رحمة ربه إلاَّ الضالون عن الحق؛ لأن المؤمنين - وخاصة الأنبياء - يعلمون من قدرة الله سبحانه وتعالى وفضله وإحسانه ما لا يعلمه غيرهم، ويعلمون من قرب رحمته وفرجه ما لا يعلمه غيرهم.


الشرح