×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثاني

 ففعل، فتكلم عند ذلك، فتنازعوا وتفاخروا، حتى تواثب رجلان من الحيين على الركب، فتقاولا، ثم قال أحدهما لصاحبه: إن شئتم والله رددناها الآن جَذَعة!! وغَضِب الفريقان، وقالوا: قد فعلنا، السلاح السلاح، موعدكم الظاهرة - والظاهرة: الحَرَّة - !!

فخرجوا إليها وتحاور الناس، فانضمت الأوس بعضها إلى بعض، والخزرج بعضها إلى بعض، على دعواهم التي كانوا عليها في الجاهلية!!

فبلغ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين من أصحابه، حتى جاءهم فقال: «يا معشر المسلمين، اللهَ اللهَ، أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد أن هداكم الله للإسلام؟!...» ([1]).

فعَرَف القوم أنها نزعة من الشيطان وكيد من عدوهم، فألقَوا السلاح من أيديهم، وبكَوا، وعانق الرجال من الأوس والخزرج بعضهم بعضًا، ثم انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سامعين مطيعين، قد أطفأ الله عنهم كيد عدو الله وعدوهم.

فيا لها من عصبية بغيضة، تلك التي من أجلها يُطرح الحق ويؤخذ بالباطل! فقد كاد الصحابة يقتتلون بسبب حَمِية الجاهلية ودعوى الجاهلية بعد أن هداهم الله للإسلام.

فدل ذلك على أنه لا يجوز في الإسلام التعصب للمذاهب أو القبائل أو الأشخاص.

وإنما المسلم يدور مع الحق أينما كان، سواء أكان في مذهبه أم في غيره، والرجوع إلى الحق خير من التمادي فيه.


الشرح

([1])  أخرجه: الطبري في تفسيره (4/23).