×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثاني

قوله: وعن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الخَيْرَ عَجَّلَ لَهُ العُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الشَّرَّ أَمْسَكَ عَنْهُ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ» ([1]). هذا الحديث رواه الترمذي والحاكم وحسنه الترمذي.

قوله:«إذا أراد الله بعبده الخير عَجَّل له العقوبة في الدنيا»:

قال شيخ الإسلام: «المصائب نعمة؛ لأنها مكفرات للذنوب، وتدعو إلى الصبر فيثاب عليها، وتقتضي الإنابة إلى الله عز وجل والذل له، والإعراض عن الخلق... إلى غير ذلك من المصالح.

فنفس البلاء يُكفِّر الله به الخطايا، وهذا من أعظم النعم.

فالمصائب رحمة ونعمة في حق عموم الخلق، إلاَّ أن يَدخل صاحبها بسببها في معاصٍ أعظم مما كان قبل ذلك، فتكون شرًّا عليه من جهة ما أصابه في دينه. فإن مِن الناس مَن إذا ابتُلي بفقر أو مرض أو جوع، حصل له من الجزع والنفاق ومرض القلب والكفر الظاهر، وتَرْك بعض الواجبات وفِعل بعض المحرمات - ما يوجب له ضررًا في دينه.

فهذا كانت العافية خيرًا له من جهة ما أورثته المصيبة، لا من جهة نفس المصيبة، كما أن مَن أوجبت له المصيبة صبرًا وطاعة كانت في حقه نعمة دينية. فهي بعينها فِعْل الرب عز وجل ورحمة للخلق، والله تبارك وتعالى محمود عليها.


الشرح

([1])  أخرجه:الترمذي رقم (2396)، وأبو يعلى رقم (4254)، والحاكم رقم (8799).