فنقول لهم: أولاً: إن الله عز وجل أَمَر المسلمين أن يجتهدوا في سبيل
امتلاك القوة، فقال لهم: ﴿وَأَعِدُّواْ
لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةٖ وَمِن رِّبَاطِ ٱلۡخَيۡلِ تُرۡهِبُونَ بِهِۦ
عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمۡ﴾ [الأنفال: 60]، فهم الذين قَصَّروا وتكاسلوا، ولو أنهم
بذلوا جهدهم واستعدوا، لفاقوا غيرهم من الأمم.
ثانيًا - هذا ليس دليلاً على بغض الله لهم، بل هم دليل على محبته لهم، وأن هذه
المصائب والبلايا من أجل أن يُكفِّر عنهم ذنوبهم، ومن أجل ألاَّ يتكبروا ويطغَوا
في الأرض ويُفسدوا في الأرض، قال عز وجل: ﴿وَلَوۡ
بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزۡقَ لِعِبَادِهِۦ لَبَغَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَٰكِن
يُنَزِّلُ بِقَدَرٖ مَّا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ بِعِبَادِهِۦ خَبِيرُۢ بَصِيرٞ﴾ [الشورى: 27].
وأما الكفار - وإن أعطاهم الله زَهْرة الدنيا - فهم كفار، عليهم غضب الله
في الدنيا والآخرة، وإنما ذلك من الله استدراج لهم، حتى إذا أخذهم لم يمهلهم.
والله عز وجل يقول لنبيه: ﴿وَلَا
تَمُدَّنَّ عَيۡنَيۡكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعۡنَا بِهِۦٓ أَزۡوَٰجٗا مِّنۡهُمۡ
زَهۡرَةَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا لِنَفۡتِنَهُمۡ فِيهِۚ وَرِزۡقُ رَبِّكَ خَيۡرٞ
وَأَبۡقَىٰ﴾ [طه: 131].
فليس عطاء الله لهم دليلاً على محبته لهم، بل هو دليل على أن الله عز وجل
أراد بهم الشر ولم يُرِد بهم الخير.
والله عز وجل حكيم عليم في تدبيره: يَزوي الدنيا عن عباده المؤمنين من أجل
مصلحتهم؛ كي لا يتكبروا، ولا ينشغلوا عن طاعة الله، ولا تلهيهم الدنيا، ومن أجل أن
يخلصهم من ذنوبهم.
بينما يعطي أعداءه الكفار استدراجًا لهم، قال عز وجل: ﴿وَلَا يَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ
كَفَرُوٓاْ أَنَّمَا نُمۡلِي لَهُمۡ خَيۡرٞ لِّأَنفُسِهِمۡۚ إِنَّمَا نُمۡلِي
لَهُمۡ لِيَزۡدَادُوٓاْ إِثۡمٗاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ﴾ [آل عمران: 178].