×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثاني

·       والإذن على نوعين:

- إذن قَدَري، مثل ما في هذه الآية.

- وإذن شرعي؛ كما في قوله عز وجل: ﴿فَهَدَى ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَا ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ ٱلۡحَقِّ بِإِذۡنِهِۦۗ [البقرة: 213]، أي: بشرعه.

فقوله: ﴿إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ أي: بقضائه وقدره. وهذا مثل قوله: ﴿وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِۦ مِنۡ أَحَدٍ [البقرة: 102] أي: السحرة ﴿إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ أي: بقضائه وقدره، لا بإذنه الشرعي؛ لأن الله لم يأذن بالسحر شرعًا، لكنه أَذِن به قدرًا وقضاء.

قال: ﴿وَمَن يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ يَهۡدِ قَلۡبَهُۥۚ ما معنى يؤمن بالله؟

فسَّره عَلْقَمة بن قيس النَّخَعي فقال: «هو الرجل تصيبه المصيبة، فيَعلم أنها من عند الله، فيَرضى ويُسلِّم»، يعني: تنزل به المصيبة، إما في نفسه أو ماله أو ولده أو أهله أو أقاربه، فلا يجزع، ولكن يَعلم أنها من عند الله، وأن الله قد قَدَّرها وقضاها، وما قضاه الله وقَدَّره فلا بد أن يقع، فلا يقول: لو أني فعلت كذا! لو أني عَمِلت كذا! ما نزلت بي المصيبة!!

فإذا عَلِم المؤمن هذا هان عليه الأمر، ورَضِي بقضاء الله وقدره، ولم يجزع ولم يسخط، وسَلَّم أمره لله عز وجل.

وقد سَمَّى الله هذا التسليم وهذا الرضا إيمانًا، فقال: ﴿وَمَن يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ يعني: يرضى بقضاء الله ويُسلِّم له أمره. وهذا شاهد لقول المصنف رحمه الله في الترجمة: «باب من الإيمان الصبر على أقدار الله»، فدل على أن الصبر من الإيمان، وأن الجزع من الكفر.


الشرح