×
شرح كتاب الفتن والحوداث

ولِمسلِمٍ: عَن سَالِمٍ بنِ عبْدِ اللهِ قَالَ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ مَا أَسْأَلَكُمْ عَنِ الصَّغِيرَةِ، وَأَرْكَبَكُمْ لِلْكَبِيرَةِ، سَمِعْتُ أَبِي عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ الْفِتْنَةَ تَجِيءُ مِنْ هَاهُنَا - وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ - مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ، وَأَنْتُمْ يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، وَإِنَّمَا قَتَلَ مُوسَى الَّذِي قَتَلَ، مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ، خَطَأً. فَقَالَ اللهُ عز وجل لَه: ﴿وَقَتَلۡتَ نَفۡسٗا فَنَجَّيۡنَٰكَ مِنَ ٱلۡغَمِّ وَفَتَنَّٰكَ فُتُونٗاۚ [طه: 40] » ([1]).

****

 هذَا سَالِمُ بنُ عَبدِ اللهِ بن عُمَر بن الخَطَّاب رضي الله عنهم يُنكِرُ عَلَى أَهلِ العِرَاقِ مَا يَحدُثُ مِنْهُم مِن الفِتنِ والشُّرُورِ فِيمَا بَينَهُم، وَقَتلِ بَعضِهِم لِبَعضٍ وسَفْكِ الدِّمَاءِ.

قَولُه: «مَا أَسْأَلَكُمْ عَن الصَّغِيرَةِ، وأَرْكَبَكُم لِلكَبِيرَةِ»، طَبِيعَةُ بَعضِ النَّاسِ المُتَحَذْلِقِين وَالمُتَشَدِّدِين أنَّهُم يَسْأَلُونَ عَن الأمُورِ الصَّغِيرَةِ، وَيَترُكُونَ الكبَائِرَ؛ لجَهْلِهِم، وَلِمَحَبَّتِهم لِلفِتنَةِ.

كانَ الأَوْلَى العَكسُ؛ أنَّ الإِنْسَانَ يَسأَلُ عَن الأمُورِ الكبَائِرِ؛ لأَِجْلِ أنْ يَجتَنِبَهَا، أمَّا الصَّغَائِرُ، فَأَمْرُها سَهلٌ، وهَذَا مِن التَّشَدُّدِ، السُّؤَالُ عَن الصَّغَائرِ هَذَا مِن التشَدُّدِ، والتّشَدّدُ يَجلِبُ إلَى التَّسَاهُلِ والانْفِلاَتِ - والعِيَاذُ بِاللهِ -.

هَذَا فيه: أنَّ المُسلِمَ وَطَالِبَ العِلمِ يَعتَنِي بِالأُمُورِ الكبِيرَةِ الخَطِرَةِ، ويَسأَلُ عَنْهَا، وَلاَ يَنشَغِلُ بِالأمٌُورِ الصَّغيرَةِ.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2905).