×
شرح كتاب الفتن والحوداث

أهْلُ العِرَاقِ يَتشدَّدُونَ لِمَاذَا؟ لأنَّ أكْثَرَهُم مِن الحَرُورِيَّةِ وَمِنَ الخَوَارجِ، فَهُم يَسأَلُونَ عَن الأمُورِ الصَّغِيرَةِ، ويَترُكُونَ الأمُورَ الكبِيرَةَ الخَطِيرَةَ، لاَ يَسأَلُونَ عَنْهَا، ويَرتَكِبُونَهَا.

فِي رِوَايةٍ يَقُولُ ابنُ عُمَر رضي الله عنهما: «انْظُرُوا إِلَى هَذَا، يَسْأَلُنِي عَنْ دَمِ البَعُوضِ، وَقَدْ قَتَلُوا ابْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم » ([1])، الّذِي قَتَلُوه هُم أَهلُ العِرَاقِ، قتَلُوا سِبْطَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

انْتَبِهْ! يَسأَلُونَ عَن الصَّغِيرَةِ؛ عَن دَمِ البَعُوضِ، يَقُولُونَ: هَل هُو نَجَسٌ دَمُ البَعُوضِ؟! يَسأَلُونَ: هَلْ دَمُ البَعُوضِ نَجِسٌ؛ يَحتَاجُ إِلَى غُسْلٍ؟ وهُم يَرتَكِبُون الكَبِيرةَ؛ يَسفِكُونَ دَمَ الحُسَيْنِ بنِ عَليٍّ رضي الله عنهما سِبْطَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، اسْتَدْعُوهُ مِن المَدِينَةِ، وَخَرَجَ إِلَيهِم، فَخَذَلُوه، وَتَرَكُوه حتَّى قُتِلَ رضي الله عنه وَمَنْ مَعَهُ، ولَم يُسَاعِدُوه، هَذِه طَبِيعَتُهُم.

ثمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وأنَّ الفِتنَ تَأتِي مِن قِبَلِهِم، مِن قِبَلِ المَشْرِقِ؛ مَشْرِقِ المَدِينَةِ.

مَشْرِقُ المَدِينَةِ مَا هُو؟ العِرَاقُ، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟! الّذِي يَقعُ شَرقَ المَدِينَةِ هُو العِرَاقُ.

أشَارَ صلى الله عليه وسلم إلَى المَشرِقِ، «إنَّ الْفِتْنَةَ تَجِيءُ مِنْ هَهُنَا»، وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ نِحْوَ الْمَشْرِقِ مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيطَانِ ([2])، وهُو المَشرِقُ، فَالفِتنُ - وَالعِيَاذُ بِاللهِ - تَأتِي مِن المَشرِقِ؛ مَشرِقِ المَدِينَةِ.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (5994).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (2905).