فيَجِبُ علَى المُسلِمِ أنْ يَحذَرَ، وأنْ
يَخَافَ مِن الفِتَنِ، وَيَسأَلُ أهْلَ العِلمِ، فَهَذَا عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رضي
الله عنه يَسأَلُ حُذَيفَةَ رضي الله عنه، وهَذَا فِيهِ سُؤَالُ العُلَمَاءِ عَن
الفِتنَةِ.
قَولُه
رضي الله عنه: «سَمِعْتُ
رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «فِتنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهلِهِ
وَمَالِهِ وَنَفْسِهِ وَوَلَدِه وَجَارِهِ يُكَفِّرُها الصِّيَامُ، وَالصَّلاَةُ،
وَالصَّدَقةُ، والأَمْرُ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيِ عَن المُنْكَرِ»»، ذَكَرَ
الفِتَنَ الّتِي تُكفِّرُها الأَعْمَالُ الصَّالِحةُ، الفِتَنُ لَيْسَتْ عَلَى حَدٍّ
سَوَاءٍ، بَعضُهَا أَخَفُّ مِن بَعضِهَا؛ بَعضُهَا تُكفِّرُه الأَعمَالُ
الصَّالحَةُ - الصَّلاَةُ والصِّيَامُ -، فَفِتنَةُ الرَّجلِ فِي أَهلِهِ،
وَفِتنةُ الرَّجُلِ فِي مَالِه تُكَفِّرُها الأَعمالُ الصَّالحَةُ.
قَولُه
رضي الله عنه: «فَقَالَ
عُمَرُ: لَيْسَ هَذَا أُرِيدُ، إِنَّمَا أُرِيدُ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ
البَحْرِ»، الّذِي يَسأَلُ عَنْهُ عُمَرُ رضي الله عنه الفِتْنَةَ
العُظمَى، الَّتِي تَمُوجُ كَمَوجِ البَحْرِ، تَتَعَاظَمُ - وَالعِياذُ بِاللهِ -،
تَزِيدُ حَتَّى تُغطِّي الحَقَّ، الفِتنَةُ الخَطِيرةُ، هَذَا الَّذِي يَسأَلُ
عَنْهُ عُمَرُ؛ لأَِجلِ الحَذَرِ مِنهُ وَالحَيطَةِ.
قَولُه
رضي الله عنه: «فَقُلْتُ:
مَا لَكَ وَلَهَا، يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِين؟»؛ يَعنِي:
الَّتِي تَمُوجُ كَمَوجِ البَحرِ مَا لَكَ وَمَا لَهَا؛ لأَِنَّ اللهَ -
سُبْحَانَه - حَمَاكَ مِنْهُا؟
قَولُه
رضي الله عنه: «إنَّ
بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا»؛ وَذَلِكَ بِخِلاَفةِ عُمَرَ رضي الله
عنه وَعَدلِهِ، وَحَزْمِهِ، وَأنَّهُ مُحَدَّثٌ، بِمَعنَى أنَّه يُلهَمُ، هُو
مُلْهَمٌ رضي الله عنه، فَهُو لاَ يُخَافُ عَلَيهِ مِن هَذِه الفِتنَةِ فِي دِينِهِ،
قَدْ تَقَعُ عَلَيهِ فِي نَفسِهِ، لَكِنْ لاَ يُخَافُ عَلَيهِ مِنْهَا فِي
دِينِهِ.
قَولُه
رضي الله عنه: «أَفَيُكْسَرُ
البَابُ أَمْ يُفْتَحُ؟ قَالَ: قُلْتُ: لاَ، بَلْ يُكْسَرُ»، فَهِمَ عمَرُ
أنَّه هُو البَابُ؛ أنَّ عُمَرَ هُو البَابُ، فَسَأَلَه: هَل هَذَا البَابُ
يُفْتَحُ