×
شرح كتاب الفتن والحوداث

فِي مَكانٍ - فِي الطُّورِ -؛ يتَحرَّزُون مِنْهُم، ولاَ يَخرُجُ أَحدٌ، مَن خَرَجَ قَتَلُوه وآذُوه.

بَينَمَا هُم كَذَلِك فِي الضِّيقِ والشّدَّةِ، إذْ أرْسَلَ اللهُ مَرَضًا عَلَى هَذَا الجُندِ الخَبِيثِ، فهَلَكُوا عَن آخِرِهِم، أَرسَلَ اللهُ عَلَيهِم مَرَضًا - يُسَمَّى النَّغَف - فِي رِقَابِهِم، فيَهْلَكُون عَن آخِرِهم.

يَستَرِيحُ المُسلِمُون، لَكنْ بَعدَ الفِتنِ وَالشّرِّ، وبَعْدَ مَا يهْلَكُ مَن يَهلَك علَى أَيدِيهِم، فيخْرُجُ المُسلِمُون مِن الحِصَارِ حِينَذاكَ، هذِه قِصّةُ يَأجُوج وَمَأْجُوج.

لمَّا ذَكَرَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم هَذِه الحَادِثَةَ العَظِيمةَ المُفْزِعَة، وأنَّها يَهلَكُ فيهَا مَن يَهْلَكُ مِن النَّاسِ عَلَى أيْدِي يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ، قَالَتْ زَينَبُ رضي الله عنها لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم: «أَنَهْلَكُ وَفِينَا الصَّالِحُون؟!» ([1])؛ الصَّالِحُون مِن العُلَمَاءِ والعِبَادِ والأتقِيَاءِ؛ لأنَّ العَادَةَ أنَّ الصَّالِحِين يقُومُون بِالإصْلاَحِ، ويَنْهَون النَّاسَ عَن الفَسَادِ؛ يَأمُرُون بِالمَعرُوفِ، ويَنْهَون عَن المُنكَرِ، فيَدفَعُ اللهُ الشّرَّ، فَوُجُودُ الصَّالِحِين فِي المُجتَمَعِ عَلاَمَةُ نجَاةٍ، وخلُوُّ المُجتَمعِ مِن الصَّالِحِين عَلامَةُ هَلاكٍ، هَذَا فِي فَضلِ الصَّالحِين ووُجُودِ الصَّالحِين.

والعَادةُ أنَّ الصَّالحِين يَكُون لهُم دَورٌ فِي الإصْلاحِ والأَمرِ بالمَعرُوفِ والنَّهيِ عَن المُنكَرِ، والقِيَامِ فِي وَجهِ الفِتَنِ.

لكِنْ قَالَ: نَعَمْ، تَهلَكُون وَفِيكُم الصَّالِحُون فِي ذَاكَ الوَقتِ؛ لأنَّ الخبَثَ يَكثُرُ، الفَسَادُ يَكثُرُ، ولاَ يَستَطِيعُ الصَّالِحُونَ مُقَاومَتَه، أوْ لاَ يَقُومُون بِمُقَاوَمَتِه، يَكسَلُونَ.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3346).