بابُ
النَّهْيِ عَنِ السَّعْيِ فِي الفِتْنَةِ
****
ولأبي
دَاودَ عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه أَنَّهُ قَاَلَ: قَاَلَ رَسُولُ اللهِ صلى
الله عليه وسلم: «إِنَّ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ
الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، وَيُمْسِي
مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ،
وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ
السَّاعِي»، قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: «كُونُوا أَحْلاَسَ بُيُوتِكُمْ» ([1]).
****
«النَّهْيُ
عَن السَّعْيِ فِي الْفِتْنَةِ»، وَأَنَّ الإِْنْسَانَ الْمُسْلِمَ عِنْدَ
حُدُوثِ الْفِتَنِ يُمْسِكُ، ولاَ يَسْعَى فِي نَشْرِهَا وَنُصْرَتِهَا، بَلْ
يُمْسِكُ، ويَبتَعِدُ عَنْهَا، هَذَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ؛ أنْ
يَبْتَعِدَ عَن الفِتَنِ، ولا يُشَارِكُ فِيهَا، ولا يَدْخُلُ فِيهَا، حَتَّى
تَنْقَضِي، وَتَذْهَب.
هَذَا
الْحَدِيثُ جَاءَ مِنْ رِوَايَاتٍ: أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم
قَالَ: «بَادِرُوا بِالأَْعْمَالِ فِتَنًا
كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ» ([2]).
لَيْسَتْ سَهْلَةً؛ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، مِنْ شِدَّتهَا ومِنْ
خَطَرِهَا أنَّ الإِْنْسَانَ يَتَحَوَّلُ عَنْ دِينِهِ، هَذَا أَخْطَرُ مَا
فِيهَا، يَتَحَوَّلُ عَنْ دِينِهِ، تُصِيبُهُ هَذِهِ الْفِتَن - إمَّا طَمَعٌ،
وإمَّا خَوْفٌ -، فَيَتَحَوَّلُ عَنْ دِينِهِ.
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا»: يَتَحَوَّلُ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ، أَوْ اللَّيْلَةِ الْوَاحِدَةِ عَنْ دِينِهِ بِسَبَبِ الْفِتَنِ، إِذَا دَخَلَ فِيهَا، وَشَارَكَ فِيهَا، فَإِنَّهَا تُخْرِجُهُ مِنْ دِينِهِ؛ إمَّا رَغْبَةً، وإما رَهْبَة.
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4262)
الصفحة 1 / 310