×
شرح كتاب الفتن والحوداث

ولابنِ ماجه عن أبِي برْدَةَ، قال: دَخَلْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ مَسْلَمَةَ، فَقَالَ: إنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ وَفُرْقَةٌ وَاخْتِلاَفٌ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَأْتِ بِسَيْفِكَ أُحُدًا، فَاضْرِبْهُ حَتَّى يَنْقَطِعَ، ثُمَّ اجْلِسْ فِي بَيْتِكَ، حَتَّى تَأْتِيَكَ يَدٌ خَاطِئَةٌ، أَوْ مَنِيَّةٌ قَاضِيَةٌ»، فَقَدْ وَقَعَتْ وَفَعَلْتُ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ([1]).

****

أَمَّا إِذَا ابْتَعَدَ عَنْهَا، وَلَمْ يَدْخُلْ فِيهَا، وَلَزِمَ السُّنَّةَ، وَصَبَرَ عَلَى مَا يَنَالُهُ، فَإِنَّهُ يَنْجُو مِنْهَا بِإِذْنِ اللَّهِ، وَلَكِنَّ هَذَا يَحْتَاجُ إِلَى إيمَانٍ، وَعِلْمٍ، وَصَبْرٍ، فَالرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم حَذَّرَ مِنْ هَذِهِ الْفِتَنِ، وَأَمَرَ أن يَكُون الرَّجُلُ حِلْسَ بَيْتِهِ؛ يَعْنِي: ملازمًا لِبَيْتِهِ، إِذَا كَانَ خُرُوجهُ إِلَى الشَّارِعِ فِيْهِ خَطَرٌ عَلَى دِينِهِ، فَإِنَّهُ يَبْقَى فِي بَيْتِهِ، حَتَّى تَزُولَ هَذِهِ الْفِتَنِ.

****

هَذَا كَمَا سَبَقَ أَنَّهُ تَأْتِي فِتَنٌ عَظِيمَةٌ، تُحَوِّلُ الإِْنْسَانَ مِنْ دِينِهِ، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِن الْدُّنْيَا طَمَعًا، يَتْرُكُ دِينَهُ مِنْ أَجَلِ الطَّمَعِ أَوْ الْمَال أوَ الْجَاهِ.

فَإِذَا جَاءَتْ هَذِهِ الْفِتَنُ، فَاعْتَزِلْهَا، أحْضِرْ سَيْفَك، وَحَطِّمْهُ، وَاكْسِرْهُ؛ فَمَا يَكُونُ مَعَك تَقْتُلُ بِهِ أَوْ تَفْتِكُ بِهِ فِي الآْخَرِينَ.

هَذَا مَعْنَاهُ: أَنَّك لاَ تَسْتَعْمِل السِّلاَحَ، فلَيْسَ مِن الْلاَّزِمِ أن تَكْسِرَهُ بِالْفِعْلِ وَتُعْدِمَهُ، لاَ؛ بَلْ يَعْنِي: لاَ تُقَاتِل بِهِ، ولا تَدْخُلُ فِي الْفِتْنَةِ.

وَالأَْمْر الثَّانِي: تَجْلِسُ فِي بَيْتِك، ولا تُشَارِكْ، حَتَّى تَأْتِيَك «يَدٌ خَاطِئَةٌ» يَعنِي: ظَالِمَة، يَدْخُلُ عَلَيْك يُرِيدُ قَتْلَك، لاَ تُدَافِعُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لأَِنَّك إِذَا دَافَعْتَ، تَكْثُرُ الْفِتْنَةَ، فَقَلِّلْ مِنْهَا بِعَدَمِ الْمُدَافَعَةِ عَنْ نَفْسِكَ، حَتَّى ولَوْ قَتَلَك؛ لأَنَّ هَذَا فِي الْفِتْنَةِ.


الشرح

([1])  أخرجه: ابن ماجه رقم (3962).