×
شرح كتاب الفتن والحوداث

قَولُه صلى الله عليه وسلم: «وإنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا ما زُوِيَ لِي مِنْهَا»، وَقَد حَصَلَ مَا أَخبَرَ بِه صلى الله عليه وسلم؛ فَأمَّتُهُ ملَكَت مَشَارِقَ الأَرضِ ومغَارِبَها بِالفتُوحَاتِ والدَّعوَةِ إلَى اللهِ، اتَّسَعَت مَملَكَةُ المُسلِمِين عَلَى المشَارِقِ والمغَارِبِ، هَذَا تَحقَّقَ، وَهَذَا مِن مُعجِزَاتِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم.

قَولُه صلى الله عليه وسلم: «وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ: الأَحْمَرَ وَالأَبْيَضَ»، وأُعطِيَ الكَنزَيْن - الأَبْيَضَ وَالأَصفَرَ -، هَذَا إِشَارةٌ إلَى فَتحِ فَارِسَ والرُّومَ؛ لأِنَّ عِندَهُما الكُنُوزَ؛ فَالفِضّةُ هَذِه لِلفُرسِ، وَالذَّهبُ لِلرُّومِ، وَسَتَرِثُهُمَا هَذِه الأمّةُ، تَرِثُ الكَنزَيْن؛ الّذَهَبَ والفِضّةَ الَتِي عِندَ الرُّومِ وَعِندَ الفُرسِ، فَفِيه إِشَارةٌ إلَى سُقُوطِ دَولةِ الفُرسِ وَسُقوطِ دَولَةِ الرُّومِ بِيَدِ المُسلِمِين، وَقَد حَصَلَت هَذِه - أيضًا -، سَقَطَت دَولةُ الفُرسِ، وَسَقطَت دَولَةُ الرُّومِ، وَأَخَذَ المُسلِمُون كُنُوزَهم وَأَموَالَهم، وَأَنفَقُوها فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل؛ كَمَا فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ رضي الله عنه.

قَولُه صلى الله عليه وسلم: «وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لأُمَّتِي أَنْ لاَ يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وأنْ لاَ يُسَلِّطَ عَلَيْهُم عَدُوًّا مِن سِوَى أَنْفُسِهُم، فَيَسْتَبِيْحَ بَيْضَتَهُم»، ثمَّ سَأَلَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم ثَلاثَةَ أَسئِلَةٍ، دَعَا رَبَّه بِثلاَثِ دَعَوَاتٍ، استَجَابَ لَه فِي ثِنتَيْن، وَمَنَعَه مِن الثّالِثَةَ:

الدَّعوَةُ الأُولَى: «أَنْ لاَ يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّةٍ»؛ يَعنِي: بِجَدبٍ عَامٍّ فِي الأَرضِ، أَلاّ يُهلِكَهَا بِسَنةٍ، السَّنَةُ معْنَاهَا: الجَدبُ، تُسَمَّى السَّنةُ: ﴿وَلَقَدۡ أَخَذۡنَآ ءَالَ فِرۡعَوۡنَ بِٱلسِّنِينَ [الأعراف: 130]؛ يَعنِي: بِالجَدبِ، أَجدَبَتِ الأَرضُ عِندَهم.


الشرح