«بِسَنَةٍ عَامَّةٍ»؛ نَعَم، يَحصُلُ الجَدبُ
فِي بَعضِ البِلادِ دُونَ بَعضٍ، أمَّا أنْ تُجدِبَ كلُّ بِلاَدِ المُسلِمِين،
فَقَد استَجَابَ اللهُ لِرَسُولِه صلى الله عليه وسلم، فَلاَ يَحصُلُ الجَدبُ فِي
كلَّ بِلادِ المُسلِمِين، بَل يَحصُلُ فِي بَعضِها، استَجَابَ لَه فِي هَذِه
أَلاَّ يُهلِكَهم بِسَنَةٍ عَامَّةٍ؛ يَعنِي: بِجَدبٍ عَامٍّ.
الدَّعوَةُ
الثّانِيةُ: أَلاَّ يُسلِّطَ عَلَيهِم عَدُوًّا مِن سِوَى
أَنفُسِهم مِن الكفَّارِ، لاَ يُسَلِّطُ الكفَّارَ عَلَى المسلِمِين
يَستَأصِلُونَهم جَمِيعًا، أَعطَى اللهُ رَسُولَه صلى الله عليه وسلم هَذَا؛ أنَّه
لاَ يُسَلِّطَ الكفَّارَ عَلَى المُسلِمِين، حتَّى يُزِيلُوا الإِسلاَمَ
وَالمُسلِمِين مِن الأَرضِ، لاَ بدَّ أَنْ يَبقَى مِن المُسلِمِين، لاَ بدَّ أن
يَبقَى مِن الإِسلاَمِ شَيءٌ، أمَّا التَّسلِيطُ العَامُّ، فَلاَ، فقد استَجَابَ
اللهُ لِرَسُولِه صلى الله عليه وسلم، أَلاَّ يُسَلِّطَ عَلَيهم عَدُوًّا مِن
سِوَى أَنفُسِهم.
الدَّعوَةُ
الثَّالِثةُ: سَأَلَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم ربَّه
أَلاَّ يُسَلّطَ المُسلِمِين بَعضَهم عَلَى بَعضٍ، فَمَنَعَه اللهُ ذَلِك، مَنَعَ،
وَلَم يَستَجِبْ لَه؛ أنَّه سَيَحصُلُ بَيْنَ المُسلِمِين تَسَلُّط بَعضِهم عَلَى
بَعضٍ وفِتنَةٍ.
قَولُه
صلى الله عليه وسلم: «وَإنَّ رَبِّي قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً
فَإِنَّهُ لاَ يُرَدُّ، وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لأُمَّتِكَ أَنْ لاَ أُهْلِكَهُم
بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَنْ لاَ أُسَلِّطَ عَلَيْهُم عَدُوًّا مِنْ سِوَى
أَنْفُسِهِم، يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُم، وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهُم مَنْ
بِأَقْطَارِهَا - أَو قَالَ: مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا - حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُم
يُهْلِكُ بَعْضًا، وَيَسْبِي بَعْضُهُم بَعْضًا»، هذا محَلُّ الشَّاهِدِ مِن
الحَدِيثِ؛ أنَّه سَيَحصُلُ بَيْن المُسلِمِين قِتَالٌ، وَشَرٌّ، وَفِتنةٌ
بَيْنَهم، هَذِه هِي المُخِيفَةُ. نَعَم، انتَبِهُوا! حَدِيثٌ عَظِيمٌ هذَا.