بَابُ
كَفِّ اللِّسانِ فِي الْفِتْنَةِ
****
وَلأَِبِي
دَاوُدَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّه قَالَ: قَاَل رَسُولُ اللهِ صلى
الله عليه وسلم: «إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ تَسْتَنْظِفُ الْعَرَبَ قَتْلاَهَا فِي
النَّارِ، اللِّسَانُ فِيهَا أَشَدُّ مِنْ وَقْعِ السَّيْفِ» ([1]).
قَالَ
التِّرْمِذِيُّ: غَرِيبٌ، سَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَقُولُ: لاَ يُعرَفُ لِزِيَادِ
بْنِ سَيمِينَ عَن ابْنِ عُمَرَ غَيرِ هَذَا.
****
انْتَبِهُوا! «كَفِّ اللِّسانِ فِي الْفِتْنَةِ»: إِذَا صَارَ هُنَاكَ فِتنَةٌ،
كُفَّ يَدَك لاَ تَدخُلُ فِيهَا؛ لأَِنَّها بَيْن مُسلِمَين، تَقتُلُ مُسلِمًا؟!
لاَ يَجُوزُ هَذَا، وَكُفَّ لِسَانَك - أَيضًا -، لاَ يَكفِي كفَّ اليَدِ؛ لأنَّ
بَعضَ النّاسِ يَكُفُّ يَدَه، يَصِيرُ جَبَانًا لاَ يُرِيدُ القِتَالَ، هَذَا حَالُ
كَثِيرٍ مِنّا، لَكِنّه لاَ يَكُفُّ لِسَانَه؛ يُحرِّضُ عَلَى الفِتنَةِ،
وَيقُولُ: هَذَا جِهَادٌ.
كُفَّ
لِسَانَك عَن تَحرِيضِ المُسلِمِين عَلَى الفِتنَةِ؛ لأنَّ هَذَا يُقلِّلُ مِنهَا،
أمَّا إِذَا شَجَّعَتهَم عَلَى القِتَالِ، وَقُلتَ: اذْهَبُوا قَاتِلُوا، تقُولُ
لأَِولاَدِ المُسلِمِين: اذْهَبُوا قَاتِلُوا؟ لاَ يَجُوزُ هَذَا، كُفَّ لِسَانَك،
اسْكُت، لاَ تَزِدِ الشّرَّ شَرًّا. هُو لاَ يَذْهَبُ، لَكِن يُذْهِبُ أَولاَدَ
النَّاسِ.
والغَرِيبُ:
مَا تَفَرَّدَ بِرِوَايَتِه وَاحدٌ هَذَا هُو الغَرِيبُ، مَا تفَرَّدَ بِرِوَايَتِه
وَاحِدٌ.
وَهَذا الحَدِيثُ أَخبَرَ صلى الله عليه وسلم فِيهِ أنَّها سَتَكُونُ فِتنَةٌ، يَحصُلُ فِيهَا قَتلٌ، ويَكُونُ «اللِّسَانُ فِيهَا أَشَدُّ مِنْ وَقْعِ السَّيْفِ»، انْتَبِهُوا! هَذَا مَحلُّ الشَّاهِدِ.
الصفحة 1 / 310