×
شرح كتاب الفتن والحوداث

قَولُه صلى الله عليه وسلم: «لاَ يُلقِي لَهَا بَالاً»: لاَ يَدرِي مَا عَوَاقِبُهَا، وَلاَ يَدرِي مَا الّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيهَا.

الوَاجِبُ عَلَى المُسلِمِ قَبلَ أنْ يَتَكلَّمَ أنْ يَزِنَ كَلاَمَه، وَيَنظُرَ عَوَاقِبَه وَآثارَه قَبلَ أنْ يَتَكلَّمَ، يَزِنُ كَلاَمَه بِالمِيزَانِ الصَّحِيحِ، إنْ كَانَ كَلاَمُهُ يُسبِّبُ الخَيرَ يَتَكَلّمُ، وإنْ كَانَ كَلامُه يُسبِّبُ الشّرَّ يُمسِكُ؛ عِندَك نَاسٌ عَوَامٌ، عِندَكَ نَاسٌ جُهَّالٌ، عِندَكَ نَاسٌ مُتَحَمِّسُون، فَرَاعِ المَكَانَ والجَمَاعةَ الَتِي تَتَكلَّمُ فِيهَا، كَلِمةً وَاحِدةً يَهوِي بِهَا فِي النَّارِ؛ قَالَ رَجلٌ: «وَاللهِ لاَ يَغْفِرُ اللهُ لِفُلاَنٍ»، أَيِسَ مِن رَحمَةِ اللهِ، وَحَلَفَ عَلَى اللهِ أنَّه لاَ يَغفِرُ لِفُلانٍ، أَسَاءَ الأَدَبَ مَعَ اللهِ عز وجل؛ أنَّه لاَ يَغفِرُ لِفُلاَنٍ. قَالَ اللهُ جل وعلا: «مَنْ ذَا الَّذِي يَتَأَلَّى عَلَيَّ» يَعنِي يَحْلِفُ عَلَيَّ. «أَنْ لاَ أَغفِرُ لِفُلاَنٍ إِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِفُلاَنٍ وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ» ([1]).

وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أنَّ القَائِلَ رَجلٌ عَابِدٌ، قَالَ أَبُو هُرَيرَةَ «تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَوبَقَتْ دُنيَاهُ وَآخِرَتَه» ([2])، نَسأَلُ اللهَ العَافِيةَ !

هَذَا فِيهِ خَطرُ اللسَانِ وَخَطرُ الكَلاَمِ فِي الفِتنَةِ، خَطَرُ الكَلاَمِ فِي غَيرِ مَحلِّه، أَمسِكْ لِسَانَك، إِلاّ بِالحَقِّ، هَذِه قَاعِدةٌ خُذْهَا مَعَكَ: «مَن كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآَخِرِ، فَلْيَقُلْ خَيرًا، أَو لِيَصْمُتْ» ([3])، يَسَعُكَ السُّكُوتُ يَا أَخِي.

****


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2621).

([2])  أخرجه: أبو داود رقم (4901)، وأحمد رقم (8292).

([3])  أخرجه: البخاري رقم (6018)، ومسلم رقم (47).