قَولُه رضي الله عنه:
«فَبِأَيِّ غَنِيمَةٍ يُفْرَحُ؟ أَوْ
أَيُّ مِيرَاثٍ يُقَاسَمُ؟»، هذَا يُفسِّرُ أَوّلَ الحَدِيث: «لاَ يُقْسَمَ مِيرَاثٌ، وَلاَ يُفْرَحَ
بِغَنِيمَةٍ»؛ لأنَّهم يُقتَلُون، وَلاَ يَبقَى إِلاّ القَلِيلُ.
قَولُه
رحمه الله: «فَبَيْنَمَا
هُمْ كَذَلِكَ إِذْ سَمِعُوا بِبَأْسٍ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ فَجَاءَهُمُ
الصَّرِيخُ إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَلَفَهُمْ فِي ذَرَارِيِّهِمْ»؛ بَينمَا
المُسلِمُون فِي الغَزوِ يُقاتِلُون الرُّومَ، وَحَصَل لَهُم النَّصرُ؛ إِذ
جَاءَهم الصَّرِيخُ.
و«الصَّريخُ»: هُو الّذِي يُحذِّرُهم مِن
شَيءٍ حَصَلَ، وَهُو الّذِي يَأتِي نَذِيرًا، يُخبِرهُم عَن شَيءٍ حَصَلَ بَعدَهم،
وَهَذَا الشَّيءُ أنّه خَرَجَ الدَّجّالُ فِي قَومِهم، فَيَتْركُونَ الغَزوَ،
ويَرجِعُون إلَى أَهلِهِم؛ لأَِجلِ مُقَابلَةِ الدَّجّالِ ودَفعِ شَرّهِ.
و«الدَّجَّالُ»: هُو رَجلٌ مِن اليَهُودِ،
يَخْرجُ فِي آخِرِ الزّمَانِ، خُرُوجُه مِن عَلاَمَاتِ السّاعةِ الكبْرَى، سُمّي
المَسِيحُ الدّجَّالُ مِن الدَّجَلِ، وهُو كَثْرةُ الكَذِبِ؛ لأنّه كذَّابٌ كثِيرُ
الكذِبِ، مَعَه فِتنةٌ عَظِيمةٌ، تَغُرُّ كَثِيرًا مِن النّاسِ، يَنخَدِعُون بِه،
ولاَ يَبقَى إِلاّ أَهلُ الإِيمَانِ الصّحِيحِ، يَثبُتُونَ عَلى دِينِهم، حتّى
يَأتِي الفَرجُ مِن اللهِ سبحانه وتعالى، وَإلاّ سَيَحصُلُ علَى المُسلِمِين
فِتنةٌ مِن الدّجَّالِ؛ بِمَا معَه مِنَ الخوَارِق، مَعَه خَوَارقُ شَيطَانِيةٌ،
تُؤثّر عَلَى الجُهّالِ وَضِعافِ الإِيمَانِ، يَغتَرّون بِه، وَيَتَّبِعُونَه -
وَالعِيَاذُ بِاللهِ -، وَلاَ يَبقَى إِلاّ المُؤمِنُ القَوِيُّ فِي إِيمَانِه
الثّابِتُ علَى دِينِه، مَعَ مَا يَتَعرّضُ لَه مِن الخطَرِ، لَكنَّهُ يَثبُتُ
عَلَى دِينِه، فَفِتنَةُ الدَّجّالِ فِتنَةٌ عَظِيمةٌ.