وَاللِّقْحَةَ
مِنَ الْغَنَمِ لَتَكْفِي الْفَخِذَ مِنَ النَّاسِ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ؛
إِذْ بَعَثَ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً، فَتَأْخُذُهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ،
فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ، وَكُلِّ مُسْلِمٍ، وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ،
يَتَهَارَجُونَ فِيهَا تَهَارُجَ الْحُمُرِ، فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ» ([1]).
****
هَذَا الحَدِيثُ فِيهِ تَفاصِيلُ أَمرِ
الدّجالِ، وَمَا يَحدُثُ فِي عَهدِه مِن الفِتَن، وَنشْرَحُه جُملَةً جُملَة.
قَوله
رضي الله عنه: «ذَكَرَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ فَخَفَّضَ فِيهِ
وَرَفَّعَ حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ»، ذكَرَ رَسُولُ اللهِ
صلى الله عليه وسلم الدجَّالَ ذَاتَ يَومٍ - أَو ذَاتَ غَدَاةٍ -، ذَكَرَه
لأَِصحَابِه، وَذَكرَ خُروجَه، وَذَكرَ صِفَاتُه، وَذَكَر مَا يَحدُثُ عَلَى يَدِه
مِن الفِتَنِ، وَذَلِك لأَِجلِ التَّحذِيرِ مِنهُ وَمِن فِتنَتِه؛ لأَِنّه صلى
الله عليه وسلم نَاصِحٌ لأُِمّتِه، لَم يَتْركْ شَيئًا يُقَرِّبهَا إِلَى اللهِ،
إلاّ بَيّنهُ، وَلَم يَتْركْ شَيئًا يُبَاعِدُ مِن اللهِ، إلاّ بَيّنه لأُمّتِه
صلى الله عليه وسلم، وَمِن ذَلِك هَذَا الحَدِيثِ الطَّوِيلِ فِي وَصفِ المَسِيحِ
الدَّجّالِ، وَمَا يَنتَهِي إِلَيه أَمرُه عَلَى يَدِ مَسِيحِ الهِدَايةِ عِيسَى
بنِ مَرْيَمَ عليه السلام، ثمَّ فِي آخِرِه ظُهُور يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ، وهَذا
مَذكُورٌ فِي القُرآنِ: ﴿حَتَّىٰٓ
إِذَا فُتِحَتۡ يَأۡجُوجُ وَمَأۡجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٖ يَنسِلُونَ﴾ [الأنبياء: 96].
هذَا
الحَدِيثُ فِي صَحِيحِ مُسلِمٍ، وَفِيهِ عَجَائِبُ مِن قصَصِ الدَّجّالِ
وَالتَّحذِيرُ مِنهُ.
حدَّث النّبيُّ صلى الله عليه وسلم أَصحَابَه رضي الله عنهم بِذَلِك، وَأَطالَ الحَدِيثَ، وبَيَّن صلى الله عليه وسلم، حتّى وقَعَ فِي قلُوبِهم الخَوفُ، لمَّا حَدّثَهم الرّسُولُ صلى الله عليه وسلم،
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2937).