×
شرح كتاب الفتن والحوداث

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «بَادِرُوا بِالأَْعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا»([1]). رواه مسلم.

****

 فلَو ترَكَ النَّاسَ مِن غَيرِ ابْتلاَءٍ وامْتحَانٍ، لاَشْتَبَه المُؤمِنُ والمُنَافِقُ، والصَّادِقُ والكَاذِبُ، ولاَ يُعلَمُ هَذَا مِن هَذَا، وجَرَتْ سُنَّةُ اللهِ جل وعلا وَحِكْمَتُه فِي أنَّه يُجرِي الامْتِحَانَاتِ عَلَى النَّاسِ:

فمِنَ النَّاسِ مَن يَصبِرُ ويَتَمسَّكُ بِدِينِه، مَهْمَا نَالَه مِن الفِتنِ والمشَاقِّ، وتَكُونُ العَاقبَةُ لِلمُتَّقِينِ.

ومِن النَّاسِ مَن يَنحَرِف عِندَ الفِتنِ عِن دِينِهِ؛ لأنَّهُ مِن الأوَّلِ لَم يَكُنْ عَلَى أسَاسٍ صَحِيحٍ: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعۡبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرۡفٖۖ؛ يَعنِي: طَرَف، ﴿فَإِنۡ أَصَابَهُۥ خَيۡرٌ ٱطۡمَأَنَّ بِهِۦۖ وَإِنۡ أَصَابَتۡهُ فِتۡنَةٌ ٱنقَلَبَ عَلَىٰ وَجۡهِهِۦ خَسِرَ ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةَۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِينُ [الحج: 11]، تَبيَّن مِن هَذَا مَا للهِ جل وعلا مِن الحِكْمةِ فِي إجْرَاءِ الفِتنِ عَلَى العِبَادِ.

****

قَالَ صلى الله عليه وسلم: «بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ»؛ أيْ: لاَ تُؤخِّرُوا الأَعْمَالَ الصَّالحَةَ، بَل بَادِرُوا بِهَا؛ لأَِنّكُم لاَ تَدْرُون مَا يَعرِضُ لَكُم.

ولا يؤجِّلُ الإنسَانُ العمَلَ الصَّالحَ، بَل يُبَادِرُ إلَيهِ؛ لئَلاّ يَفُوتُه؛ لأنَّها سَتَكُون فِتنٌ تَصرِفُ النَّاسَ عَن الأعْمَالِ الصَّالِحةِ، إلاَّ مَن ثَبَّتَه اللهُ عز وجل.

قَولُه: «فِتَنًا» مَنصوبٌ علَى أنَّه مَفعولٌ لِلمُبَادرَةِ.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (118).