فقَالَ المُسْلِمُون هُنَاكَ لِذِي القَرْنَيْن:
﴿إِنَّ
يَأۡجُوجَ وَمَأۡجُوجَ مُفۡسِدُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ﴾
[الكهف: 94]؛ سَفكُ الدِّمَاءِ، الفسَادُ، شَعبٌ لاَ يُبَالِي بِشَيءٍ.
عَرَضُوا
عَلَيهِ أنْ يُعِينُوه بِالمَالِ؛ مِن أَجلِ أنْ يَبنِيَ مَا بَيْنَ الجَبَليْن؛
حتَّى يَسُدَّ الطَّرِيقَ عَلَيهِم؛ فلاَ يَخْرُجُوا عَلَى النَّاسِ.
قَالَ
لهُم: إنِّي لَسْتُ بِحَاجةٍ لِلمُسَاعدَةِ المَاليَّةِ ﴿مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيۡرٞ﴾ [الكهف: 95]، عنْدَه استِعْدَادٌ مِن جِهةِ المَالِ،
وَلَكنَّه بِحَاجةٍ إلَى الأيْدِي العَامِلةِ، الّتِي تَعملُ مَعَه؛ حتَّى يُقِيمَ
هَذَا السّدَّ.
﴿فَهَلۡ نَجۡعَلُ لَكَ خَرۡجًا﴾
[الكهف: 94]؛ يَعْنِي: مَالاً، تَمْوِيل.
﴿عَلَىٰٓ أَن تَجۡعَلَ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَهُمۡ﴾ [الكهف: 94]؛ أيْ: بَيْنَ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ.
﴿سَدّٗا﴾
[الكهف: 94]؛ يَمنَعُهم مِن الخرُوجِ عَلَى النَّاسِ.
﴿فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجۡعَلۡ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُمۡ
رَدۡمًا﴾ [الكهف: 95]، هَذَا هُو
السّدُّ، وَلَيْسَ بِسَدٍّ عَادِيٍّ، سَدٌّ عَظِيمٌ.
﴿ءَاتُونِي زُبَرَ ٱلۡحَدِيدِۖ حَتَّىٰٓ إِذَا سَاوَىٰ
بَيۡنَ ٱلصَّدَفَيۡنِ قَالَ ٱنفُخُواْۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَعَلَهُۥ نَارٗا قَالَ
ءَاتُونِيٓ أُفۡرِغۡ عَلَيۡهِ قِطۡرٗا﴾
[الكهف: 96]؛ أَيْ: نُحَاسًا.
ففَعَلَ
هَذا، وَأَعَانُوهُ، وَسَدَّ عَلَيهِم الطَّرِيقَ إلَى النَّاسِ بِهَذَا السَّدِّ
العَظِيمِ.
﴿فَمَا ٱسۡطَٰعُوٓاْ أَن يَظۡهَرُوهُ﴾ [الكهف: 97]؛ يَعنِي: يَصْعَدُوا عَلَيهِ؛ لأَِنَّه
أَمْلَسٌ، لاَ يُمْكِنُ صُعُودُه.
﴿وَمَا ٱسۡتَطَٰعُواْ لَهُۥ نَقۡبٗا﴾ [الكهف: 97]؛ أنْ يَحفُروا فِيهِ؛ لأِنَّه حَدِيدٌ.
﴿قَالَ هَٰذَا رَحۡمَةٞ مِّن رَّبِّيۖ﴾ [الكهف: 98]، هَذَا السّدُّ رَحمَةٌ مِن اللهِ
بِعِبادِه،