وَلِلبُخَارِيِّ:
عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم،
دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يَقُولُ: «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ
مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ اليَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ
مِثْلُ هَذِهِ» وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا، قَالَتْ
زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَهْلِكُ وَفِينَا
الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: «نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ» ([1]).
****
والدّنيَا
مَطِيّةٌ لِلآخِرَةِ، لَيْسَت مَقصُودَةً لِذَاتِها، وإنَّمَا هِي مَطِيّةٌ
ومَزْرَعةٌ لِلآخِرَةِ، وَلاَ يتَمتَّع بِهَا وَيَنْشَغِل بِهَا إلاَّ الكفَّارُ
وَالمُنَافِقُون.
****
هذَا
حَدِيثُ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحشٍ رضي الله عنها؛ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم
خرَجَ وعَلَيهِ الفَزَعُ والخَوفُ، ظهَرَ عَلَى وَجهِهِ صلى الله عليه وسلم
احْمَرَّ وَجهُهُ مِن شِدةِ الخَوفِ عَلَى أُمّتِه وَمَا سَيَحدُثُ فِي آخِرِ
الزَّمَانِ، وَهَذَا مِن نُصْحِه صلى الله عليه وسلم لأُِمّتِه، وَلأَِنَّه
يُحزِنُه مَا يَسُوؤُها، مِن كمَالِ شَفَقَتِه صلى الله عليه وسلم؛ فَهُو ﴿بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ
رَءُوفٞ رَّحِيمٞ﴾ [التوبة:
128]، يَخَافُ عَلَى أمّتِه مِن الفِتَنِ، ومِن هَذِه الفِتَنِ الّتِي سَتَحدُثُ
مَا حصَلَ فِي عَهدِهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَدِّ يَأجُوجَ ومَأجُوجَ، الّذِي
ذَكَرَه اللهُ جل وعلا فِي القُرآنِ.
يَأجُوجُ وَمَأْجُوجُ قَبِيلٌ مِن بَنِي آدَمَ، لَهُم خِلقَةٌ خَاصَّةٌ، فِيهِم شَرٌّ عَظِيمٌ، يُفْسِدُون فِي الأَرْضِ، ولمَّا جَاءَ ذُو القَرْنَيْنِ المَلِكُ المُسلِمُ، لمَّا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْن، بَين جِبَالٍ جِهَةَ شَمَالِ الأَرْضِ؛ لأَنَّه ذَهَبَ إِلَى المَشْرِقِ، وذهَبَ إلَى المَغرِبِ، وذَهَب إلَى شمَالِ الأَرْضِ، حتَّى بلَغَ طَرِيقًا بَيْنَ جبَلَيْن عَظِيمَيْن.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3346).