الخَطَأ؛ فإنَّ مَنْ فَسَّرها بذَلِكَ لم يَزِدْ
عَلَى ما أَقرَّ به الكُفَّار، فإِنَّهمْ كَانُوا يُقرُّون بأَنَّهُ لا يَقْدر
عَلَى الاخْتِرَاعِ والخَلْق والرِّزق والإحْيَاء والإمَاتَة إِلاَّ الله، كَمَا
ذَكَر الله تَعَالَى ذَلِكَ عنهم، ولَمْ يَصِيرُوا به مُسْلمين، نعَمْ، هَذَا
المَعْنَى الَّذِي يَذْكرونه دَاخلٌ فِي مَعْنَى لا إلَهَ إِلاَّ الله، لَكن لَيْس
هُوَ المَقْصود من هَذِهِ الكَلمَة.
اَلشِّرْك فِي تَوْحِيدِ اَلْعِبَادَةِ
****
وَالشِّرْكُ
فِي العِبَادَة هُوَ: صَرْفها أَوْ صَرْف شيءٍ مِنْهَا
لغَيْر الله، وَقَد ألْمَحْنا فيما سَبَق إِلَى مَبْدأ حُدُوثه فِي الأَرْض، ولا
زَالَ مستمرًّا فِي الخَلْق إِلاَّ مَنْ رَحم الله، وهَذَا الشِّرْك نَوْعان: شركٌ
أكْبَر يَخْرج من الملَّة؛ كالذَّبح لغَيْر الله ودُعَاء غَيْر الله، أَوْ صَرف أي
نَوْع من أنْوَاع العِبَادَة لغَيْر الله، وَشِرْك أصْغَر لا يُخْرج من الملَّة،
لَكنَّه ينقص التَّوْحِيد، وقَدْ يَتمَادى بصاحبِهِ حَتَّى يقع فِي الشِّرك
الأَكْبر، وذَلِكَ كالحَلِفِ بغَيْر الله وَكَثير الرِّياء، وقَوْل: ما شَاءَ الله
وشئتَ، ولَوْلا الله وأنْتَ، وما أَشْبَه ذَلِكَ من الأَلْفَاظ الَّتِي تَجْري
عَلَى اللِّسَان، وَلاَ يقصد مَعْناها.
وقَدْ كَثُر الشِّرْك فِي هَذِهِ الأُمَّة واسْتَشْرى أَمْره؛ بسَبَب ابْتعَاد أكْثَر النَّاس عن الكتَاب والسُّنَّة، وتَقْليدهم للآبَاء والأجْدَاد عَلَى غَيْر هُدًى، وبسَبَب الغُلوِّ فِي تَعْظيم المَوْتى والبنَاء عَلَى قُبُورهمْ، وبسَبَب الجَهْل بحَقيقَة دين الإسْلاَم الَّذِي بَعَث اللهُ به رَسُوله صلى الله عليه وسلم كَمَا قَالَ أمير المُؤْمِنِين عُمَر بْن الخَطَّاب رضي الله عنه إنَّما تُنْقَض عُرَى الإسْلاَم عُرْوة عُرْوة إِذَا نَشَأ فِي الإسْلاَم مَنْ لاَ يَعْرف الجَاهليَّة، وبسَبَب رَوَاج الشُّبَه والحكَايَات الَّتِي ضَلَّ بها أكْثَر النَّاس، واعْتَبَرها أَدلَّةً يَسْتَندون إلَيْها فِي تَبْرير ما هُمْ عَلَيْه.