×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

 ٱللَّهُ مَا عَبَدۡنَا مِن دُونِهِۦ مِن شَيۡءٖ نَّحۡنُ وَلَآ ءَابَآؤُنَا وَلَا حَرَّمۡنَا مِن دُونِهِۦ مِن شَيۡءٖۚ [النحل: 35].

وقَالَ فِي سُورَة الزُّخْرف: ﴿وَقَالُواْ لَوۡ شَآءَ ٱلرَّحۡمَٰنُ مَا عَبَدۡنَٰهُمۗ [الزخرف: 20].

قَالَ الحَافظُ ابْنُ كَثِيرٍ رحمه الله عندَ آيَة الأَنْعَام: هَذِهِ مُنَاظرةٌ ذَكَرهَا اللهُ تَعَالَى، وشُبْهة تَشبَّث بِهَا المُشْركون فِي شِرْكِهم وتَحْريم ما حَرَّموا، فإِنَّ اللهَ مُطَّلع عَلَى ما هُمْ فيه من الشِّرْك والتَّحْريم لمَا حَرَّموه، وَهُوَ قَادرٌ عَلَى تَغْييره بأَنْ يُلْهمَنا الإيمَان، أَوْ يَحُول بَيْننا وبَيْن الكُفْر، فلَمْ يُغيِّره، فدلَّ عَلَى أَنَّهُ بمَشِيئتِهِ وإرادتِهِ ورِضَاه منَّا ذَلِكَ، قَالَ: وَهِيَ حُجَّةٌ دَاحضَةٌ بَاطلةٌ؛ لأَنَّها لَوْ كَانَت صَحيحةً لمَا أَذَاقَهم اللهُ بَأْسه، ودَمَّر عَلَيْهم، وأَدَال عَلَيْهم رُسُله الكرامَ، وأَذَاق المُشْركينَ من أَلِيم الانْتقَام: ﴿قُلۡ هَلۡ عِندَكُم مِّنۡ عِلۡمٖ [الأنعام: 148] أَيْ: بأَنَّ اللهَ رَاضٍ عَنْكم فِيمَا أنْتُم فِيهِ، ﴿فَتُخۡرِجُوهُ لَنَآۖ [الأنعام: 148] أَيْ: فَتُظْهروه لَنَا وتُبيِّنوه وتُبْرزُوه. ﴿إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ [الأنعام: 148] أَيْ: الوَهْم والخَيَال. ﴿وَإِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا تَخۡرُصُونَ [الأنعام: 148]، أَيْ: تَكْذبُون عَلَى اللهِ فِيمَا ادَّعَيْتُمُوه. انْتهَى.

وقَالَ عِنْدَ تَفْسير آيَة النحل ومَضْمُون كَلاَمهم: أَنَّهُ لَوْ كَانَ تَعَالَى كَارهًا لمَا فَعَلنا لأَنْكَره عَلَينا بالعُقُوبة، ولمَا مَكَّننا منه، قَالَ تَعَالَى رَدًّا عَلَيْهم شُبْهَتهم: ﴿وَقَالَ ٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْ لَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا عَبَدۡنَا مِن دُونِهِۦ مِن شَيۡءٖ نَّحۡنُ وَلَآ ءَابَآؤُنَا وَلَا حَرَّمۡنَا مِن دُونِهِۦ مِن شَيۡءٖۚ كَذَٰلِكَ فَعَلَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ فَهَلۡ عَلَى ٱلرُّسُلِ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ ٣٥وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ فَمِنۡهُم مَّنۡ هَدَى ٱللَّهُ وَمِنۡهُم مَّنۡ حَقَّتۡ عَلَيۡهِ ٱلضَّلَٰلَةُۚ فَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُكَذِّبِينَ ٣٦ [النحل: 35- 36] أَيْ: لَيْسَ الأَمْر 


الشرح