الشِّرْك فِي الجيل الحَاضر من قَوْم نوحٍ طَمع
فِي الجِيل المُقْبل ونَصَب له الأَحْبلَة.
وَنُدْرك
رَابعًا: أَنَّهُ لا يَجُوز التَّسَاهل فِي وَسَائل الشِّرْك، بَلْ يَجب قَطْعها
وسَدُّ بَابِهَا.
ونُدْرك
خامسًا: فَضْل العُلَمَاء العَامِلِين، وأَنَّ وُجُودَهم فِي النَّاس خَيْرٌ.
وفُقْدَانهم شَرٌّ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَمْ يَتمكَّن من إغْوَاء القَوْم حَتَّى
فُقِدُوا.
أَنْوَاعُ اَلتَّوْحِيدِ
****
إِنَّ
التَّوْحِيد نَوْعان: تَوْحِيد فِي المَعْرفة والإثْبَات، وهُوَ تَوْحِيد
الرُّبُوبية المُتَمثِّل بالإقْرَار بالخَالق وَانْفرَاده بالخَلْق والتَّدْبير
والإحْيَاء والإمَاتَة وَجَلْب الخَيْر ودَفْع الشَّرِّ.
وهَذَا
النَّوعُ لا يَكَاد يُنَازع فيه أَحَدٌ من الخَلْق، حَتَّى إِنَّ المُشْركينَ
كَانُوا يُقرُّون به مَعَ شِرْكِهِمْ ولاَ يُنْكرونَه، كَمَا ذَكَر الله تَعَالَى
عَنْهم فِي قَوْله: ﴿قُلۡ
مَن يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ أَمَّن يَمۡلِكُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ
وَمَن يُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَيُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتَ مِنَ ٱلۡحَيِّ
وَمَن يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَۚ فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُۚ فَقُلۡ أَفَلَا تَتَّقُونَ﴾ [يونس: 31].
وأَمْثَالها
مِنَ الآيَات كَثيرٌ، وفِيهَا البَيَانُ الوَاضحُ بأَنَّ المُشْركينَ كَانوا
يُقرُّون بهَذَا النَّوْع من التَّوْحِيد، وَإنَّما كَانُوا يَجْحَدون النَّوعَ
الثَّاني منه، وَهُوَ تَوْحِيد العِبَادَة المُتَمثِّل فِي إفْرَاد الله سبحانه
وتعالى فِي الطَّلَب والقَصْد فِي كُلِّ ما يَصْدر من العَبْد من أنْوَاع
العِبَادَة، كَمَا تَدلُّ عَلَيْه وتُعبِّر عَنْه كَلمَة (لاَ إلَهَ إِلاَّ الله)،
إنَّ هَذِهِ الكَلمةَ تُثْبت العِبَادَة بجَميع أنْوَاعها لله وَحْده وتَنْفيها
عَمَّا سوَاه.