×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

عن إكرامِهِ لأَهْل تَوْحِيدِهِ وطاعتِهِ فِي الدُّنيا والآخِرَةِ، وهَذَا جَزَاء تَوْحِيدٍ؛ وإمَّا خَبَر عن أَهْل الشِّرْك وعَنْ جَزَائهم فِي الدُّنْيا والآخِرَةِ، وهَذَا جَزَاءُ مَنْ خَرَج عن حُكْم التَّوْحِيد؛ وإمَّا أَحْكامٌ وتَشْريعٌ، وهَذَا من حُقُوق التَّوْحِيد فإِنَّ التَّشْريعَ حَقٌّ لله وَحْده.

وَهَذَا التَّوْحِيدُ بجَميع أنْوَاعه تَضمَّنته كَلمَةٌ وَاحدةٌ هِيَ: (لاَ إلَهَ إِلاَّ اللهُ) فَإنَّها تَتَضمَّن نفيًا وإثباتًا. نَفْي الإِلَهيَّة الحَقَّة عن كُلِّ ما سِوَى الله وإثْبَاتها لله وَحْده. كَمَا تَتَضمَّن وَلاءً وَبَراءً، وَلاَء الله وبَرَاء ممَّا سوَاه. وَدين التَّوْحِيد قَائمٌ عَلَى هَذَين الأَسَاسين، كَمَا قَالَ تَعَالَى عن خَليلِهِ إبْرَاهيم عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ قَالَ لقَوْمه: ﴿وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوۡمِهِۦٓ إِنَّنِي بَرَآءٞ مِّمَّا تَعۡبُدُونَ ٢٦إِلَّا ٱلَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُۥ سَيَهۡدِينِ ٢٧ [الزخرف: 26 27].

وهَذَا مِنْهَاج كُلِّ رَسُولٍ يَبْعثه اللهُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ [النحل: 36].

وقَالَ تَعَالَى: ﴿فَمَن يَكۡفُرۡ بِٱلطَّٰغُوتِ وَيُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰ لَا ٱنفِصَامَ لَهَاۗ [البقرة: 256].

فمَنْ قَالَ: (لاَ إلَهَ إِلاَّ الله) فقَدْ أعْلَن البَرَاءة من عِبَادَة كُلِّ ما سوى الله، وَالْتَزم القيَام بعِبَادَة الله، وذَلِكَ عَهْدٌ يَقْطعُهُ الإنْسَانُ عَلَى نَفْسه: ﴿فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦۖ وَمَنۡ أَوۡفَىٰ بِمَا عَٰهَدَ عَلَيۡهُ ٱللَّهَ فَسَيُؤۡتِيهِ أَجۡرًا عَظِيمٗا [الفتح: 10].

فَلاَ إلَهَ إِلاَّ اللهُ إعْلاَن لِتَّوْحِيد العِبَادَة؛ لأنَّ مَعْناه المَعْبود، فمَعْناها لا مَعْبود بحَقٍّ إِلاَّ الله. فمَنْ قَالَ هَذِهِ الكَلمَة عَارفًا لمَعْناها عَاملاً بمُقْتَضاها من نَفْي الشِّرْك، وإثْبَات الوَحْدانيَّة لله مَعَ اعْتقَاد ذَلِكَ والعَمَل به فهُوَ المُسْلم حقًّا، ومَنْ قَالَها وَعَمل بمُقْتَضاها ظاهرًا من غَيْر اعْتقَاد


الشرح