×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

وتَوْحيد الإِلَهيَّة مُتَضمِّن لتَوْحيد الرُّبُوبيَّة، فتَوْحيد الرُّبُوبيَّة يَدْخل ضمن تَوْحِيد الإِلَهيَّة، فمَنْ عَبَد الله وَحْده، ولم يُشْرك به شيئًا فقد اعْتقَد أَنَّهُ ربُّه وخالقُهُ.

وتَوْحيد الأسْمَاء والصِّفَات دَاخلٌ فِي تَوْحِيد الرُّبُوبيَّة، وَهُوَ جزءٌ منه، وتَوْحيد الرُّبُوبيَّة والأُلُوهية تارةً يُذْكران معًا فيَفْتَرقان فِي المَعْنى، ويَكُون أَحدُهُما قسيمًا للآخَر، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ ١مَلِكِ ٱلنَّاسِ ٢إِلَٰهِ ٱلنَّاسِ ٣ [الناس: 1 - 3]

وَتارةً يُذْكر أَحدُهُما مفردًا عن الآخَر فيَجْتَمعان فِي المَعْنى، كَمَا فِي قَوْل المَلَكين للمَيِّت فِي القَبْر (مَنْ ربُّك)؟ ومَعْناه: مَنْ إلَهُك؟ وكَمَا فِي قَوْله: ﴿قُلۡ أَغَيۡرَ ٱللَّهِ أَبۡغِي رَبّٗا [الأنعام: 164]، وقَوْله: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسۡتَقَٰمُواْ [فصلت: 30] وقَوْله: ﴿ٱلَّذِينَ أُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِم بِغَيۡرِ حَقٍّ إِلَّآ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُۗ [الحج: 40].

فَالرُّبُوبيَّة المَذْكورة فِي هَذِهِ الآيَات وأَمْثَالها هي الإِلَهيَّة ولَيْسَت قَسيمَة لَهَا، وَمَا دُمْنا قَدْ عَرَفنا التَّوْحِيد فَلا بُدَّ أَنْ نَعْرف ضدَّه؛ لأَنَّ الأشياءَ تُعْرف بأَضْدادها وبضِدِّها تَتميَّز الأشياءُ.

بيان الشِّرْك

****

الشِّرْك ضدُّ التَّوْحِيد، فإِذَا كَانَ مَعْنَى التَّوْحِيدِ: إفْرَاد الله تَعَالَى بالعِبَادَة. فالشِّرْك هُوَ صَرْف شيءٍ من العِبَادَة لغَيْر الله، والشِّرْك أعْظَم الذُّنُوب؛ لأَنَّ اللهَ سُبْحَانَه أخبر أَنَّهُ لا يَغْفر لمَنْ لَمْ يَتب منه مَعَ أَنَّهُ كَتَب عَلَى نَفْسه الرَّحمة، أمَّا غَيْره من الذُّنُوب فهُوَ تَحْت المَشيئة، إنْ شَاءَ الله عَذَّب صاحبَهُ وإنْ شَاءَ غَفَر له، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ [النساء: 48].


الشرح