×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

إلَى أَنْ ظَهَرَ فِيهِمْ عَمْرُو بْن لُحَيٍّ الخُزَاعي، فَغَيَّرَ فِيهِمْ دينَ إبْرَاهيمَ، وَدَعَاهُمْ إلَى عبَادَة الأَصْنَام فَأَجَابُوهُ، وَالسَّبَب فِي ذَلكَ: أَنَّهُ ذَهَبَ إلَى الشَّام فَوَجَدَ أَهْلَهَا يَعْبُدُونَ الأَصْنَامَ، فَقَلَّدَهُمْ في ذَلكَ، وَجَلَبَ مَعَهُ الأَصْنَامَ إلَى العَرَب، وَقيلَ: إنَّ الشَّيْطَانَ أَتَاهُ وَأَرْشَدَهُ إلَى الأَصْنَام الَّتي كَانَ الطُّوفَانُ قَدْ دَفَنَهَا في الأَرْض بَعْدَ قَوْم نُوحٍ، وَأَمَرَهُ بأَخْذهَا وَدَعْوَة العَرَب إلَى عِبَادَتهَا فَفَعَلَ.

وَمِنْ ثَمَّ انْتَشَرَ الشِّرْك في العَرَب، وَكَانَ لَهُمْ أَصْنَامٌ مَشْهُورَةٌ: كَاللاَّت، وَالعُزَّى، وَمَنَاة. وَكَانَ لقُرَيْش أَصْنَامٌ حَوْلَ الكَعْبَة وَفي جَوْفهَا، وَمِنْ أَعْظَمِ أَصْنَامهمْ هُبَلُ الَّذي كَانُوا يَعْتَزُّونَ وَيُقْسِمُونَ بِهِ، إلَى أَنْ بَعَثَ اللَّهُ نَبيَّنَا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم خَاتَمَ النَّبِيِّينَ، فَدَعَا إلَى التَّوْحيد وَنَهَى عَنِ الشِّرْك، وَجَاهَدَ المُشْركينَ باليَد وَاللِّسَان حَتَّى نَصَرَه اللَّهُ عَلَيْهمْ، وَهَدَم أَوْثَانهمْ، وَحَطَّمَ أَصْنَامَهُمْ، وَأَعَادَ الحَنيفيَّةَ مِلَّةَ إبْرَاهيمَ صَافيَةً نَقيَّةً، وَتَرَكَ أُمَّتَهُ عَلَى البَيْضَاء لَيْلُهَا كَنَهَارهَا، وَأَكْمَلَ اللَّهُ به الدِّينَ، وَأَتَمَّ به النِّعْمَةَ، وَوَاصَلَ صَحَابَتُهُ الكرَامُ وَخُلَفَاؤُهُ العظَام مَسيرَةَ الدَّعْوَة في مَشَارق الأَرْض وَمَغَاربها، وَفَتَحُوا البلاَدَ شَرْقًا وَغَرْبًا، وَنَشَرُوا فيهَا التَّوْحيدَ، وَقَضَوْا عَلَى مَظَاهر الشِّرْك وَالوَثَنيَّة، حَتَّى تَحَقَّق قَوْلُ اللَّهِ عز وجل: ﴿هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ [التوبة: 33].

ظُهُورُ الشِّرْك في هَذه الأُمَّة

****

لَقَدْ حَذَّرَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أُمَّتَهُ منَ الشِّرْك غَايَةَ التَّحْذير، وَسَدَّ كُلَّ الطُّرُق المُوَصِّلَة إلَيْه، وَحَمَى حِمَى التَّوْحيد، وَمنْ ذَلكَ:


الشرح