رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: «أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ
وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، لاَ يَلْقَى اللهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ
فَيُحْجَبَ عَنِ الْجَنَّةِ» ([1]).
قَالَ: وَأَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي مَعْنَاهُ: مَا قَالَهُ شَيْخُ الإسْلاَم ابْنُ تَيْميَة وَغَيْره: إنَّ هَذِهِ الأَحَاديثَ إنَّمَا هِيَ فِيمَنْ قَالَهَا وَمَاتَ عَلَيْهَا كَمَا جَاءَتْ مُقَيَّدَةً، وَقَالَهَا خَالصًا منْ قَلْبه مُسْتَيْقنًا بهَا قَلْبُهُ غَيْرُ شَاكٍّ فيهَا بصِدْقٍ وَيَقِينٍ؛ فَإنَّ حَقيقَةَ التَّوْحِيدِ انْجذَابُ الرُّوح عَلَى اللَّهِ جُمْلَةً، فَمَنْ شَهدَ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ خَالصًا منْ قَلْبه، دَخَلَ الجَنَّة؛ لأَنَّ الإخْلاَصَ هُوَ انْجذَابُ القَلْب إلَى اللَّهِ تَعَالَى بأَنْ يَتُوبَ مِنَ الذُّنُوب تَوْبَةً نَصُوحًا، فَإذَا مَاتَ عَلَى تِلْكَ الحَال نَالَ ذَلكَ، فَإنَّهُ قَدْ تَوَارَدت الأَحَاديثُ بأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنَ النَّار مَنْ قَالَ: لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ، وَكَانَ فِي قَلْبهِ مِنَ الخَيْر مَا يَزنُ شَعيرَةً، وَمَا يَزنُ خَرْدَلَةً، وَمَا يَزنُ ذَرَّةً، وَتَوَاتَرَتْ بأَنَّ كَثيرًا ممَّنْ يَقُولُ: لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ، يَدْخُلُ النَّارَ، ثُمَّ يَخْرُجُ منْهَا، وَتَوَاتَرَتْ بأَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ النَّارَ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُود مِنَ ابْن آدَمَ، فَهَؤُلاَء كَانُوا يُصلُّونَ وَيَسْجُدُونَ للَّه، وَتَوَاتَرَتْ بأَنَّهُ يَحْرمُ عَلَى النَّار مَنْ قَالَ: لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ، وَمَنْ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّه، وَلَكنْ جَاءَتْ مُقَيَّدَةً بالقُيُود الثِّقَال، وَأَكْثَرُ مَنْ يَقُولُهَا لاَ يَعْرفُ الإخْلاَصَ، وَلاَ اليَقِينَ، وَمَنْ لاَ يَعْرفُ ذَلكَ، يُخْشَى عَلَيْه أَنْ يُفْتَنَ عَنْهَا عنْدَ المَوْت، فَيُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، وَأَكْثَرُ مَنْ يَقُولُهَا تَقْليدًا وَعَادَةً لَمْ يُخَالط الإيمَانُ بشَاشَة قَلْبِهِ، وَغَالبُ مَنْ يُفْتنُ عنْدَ المَوْت وَفي القُبُور أَمْثَالُ هَؤُلاَء، كَمَا فِي الحَدِيثِ أَنَّ أَحَدَهُمْ يَقُولُ: «سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ» ([2])، وَغَالبُ أَعْمَال هَؤُلاَء إنَّمَا هُوَ تَقْليدٌ
([1]) أخرجه: مسلم رقم (27).