فِي اللَّه عَمَلاً بقَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ
إِخۡوَةٞ﴾ [الحجرات: 10].
3-
حُصُولُ السِّيَادَة وَالاسْتخْلاَف فِي الأَرْض، وَصَفَاء الدِّين، وَالثُّبُوت
أَمَامَ تَيَّارَات الأَفْكَار وَالمَبَادئ المُخْتَلفَة، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَعَدَ ٱللَّهُ
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَيَسۡتَخۡلِفَنَّهُمۡ
فِي ٱلۡأَرۡضِ كَمَا ٱسۡتَخۡلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ
دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرۡتَضَىٰ لَهُمۡ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ
أَمۡنٗاۚ يَعۡبُدُونَنِي لَا يُشۡرِكُونَ بِي شَيۡٔٗاۚ﴾
[النور: 55].
فَرَبَطَ
سُبْحَانَهُ حُصُولَ هَذِهِ المَطَالب العَاليَة بعبَادَته وَحْدَه لاَ شَريكَ
لَهُ، الَّذي هُوَ مَعْنَى وَمُقْتَضَى «لاَ
إلَهَ إلاَّ اللَّهُ».
4-
حُصُولُ الطُّمَأْنينَة النَّفْسيَّة وَالاسْتقْرَار الذِّهْنيِّ لمَنْ قَالَ: «لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ»، وَعَمِلَ
بمُقْتَضَاهَا؛ لأَنَّهُ يَعْبُدُ رَبًّا وَاحدًا، يَعْرِفُ مُرَادَهُ، وَمَا
يُرْضيه فَيَفْعَلُهُ، وَيَعْرفُ مَا يُسْخطُهُ فَيَجْتَنبُهُ بخِلاَفِ مَنْ
يَعْبُدُ آلهَةً مُتَعَدِّدَةً، كُلُّ وَاحِدٍ منْهَا لَهُ مُرَادٌ غَيْر مُرَاد
الآخَر، وَلَهُ تَدْبيرٌ غَيْر تَدْبير الآخَر، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ءَأَرۡبَابٞ
مُّتَفَرِّقُونَ خَيۡرٌ أَمِ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ﴾ [يوسف: 39].
وَقَالَ
تَعَالَى: ﴿ضَرَبَ
ٱللَّهُ مَثَلٗا رَّجُلٗا فِيهِ شُرَكَآءُ مُتَشَٰكِسُونَ وَرَجُلٗا سَلَمٗا
لِّرَجُلٍ هَلۡ يَسۡتَوِيَانِ مَثَلًاۚ﴾
[الزمر: 29].
قَالَ الإمَامُ ابْنُ القَيِّم رحمه الله: هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ للْمُشْرِكِ وَالمُوَحِّد، فَالمُشْركُ بمَنْزلَة عَبْدٍ يَمْلكُهُ جَمَاعَةٌ مُتَنَازعُونَ مُخْتَلفُونَ مُتَشَاحنُونَ، وَالرَّجُلُ المُشَاكسُ: السَّيِّئ الخُلُق، فَالمُشْرِكُ لَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آلهَةً شَتَّى، شُبِّه بعَبْدٍ يَمْلكُهُ جَمَاعَةٌ مُتَنَافسُونَ فِي خِدْمَته، لاَ يُمْكنُهُ أَنْ يَبْلُغَ رضَاهُمْ أَجْمَعينَ، وَالمُوَحِّد لَمَّا كَانَ يَعْبدُ اللَّهَ وَحْدَهُ، فَمَثَلُهُ كَمَثَل عَبْدٍ لرَجُلٍ وَاحِدٍ قَدْ سَلِمَ لَهُ، وَعَلِمَ مَقَاصدَه، وَعَرَفَ الطَّريقَ إلَى رضَاهُ،