×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

مَكَانَة «لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ»

****

·       أَمَّا مَكَانَةُ هَذِهِ الكَلمَة:

فَإنَّهَا كَلمَةٌ يُعْلنُهَا المُسْلمُونَ فِي أَذَانِهِمْ وَإقَامَتهمْ، فِي خُطَبهمْ وَمُحَادَثَاتهمْ، وَهيَ كَلمَةٌ قَامَتْ بالأَرْض وَالسَّمَاوَات، وَخُلِقَتْ لأَجْلهَا جَميعُ المَخْلُوقَات، وَبهَا أَرْسَلَ اللَّهُ رُسُلَهُ، وَأَنْزَلَ كُتُبَهُ، وَشَرَعَ شَرَائعَهُ، وَلأَجْلهَا نُصِبَتِ المَوَازينُ وَوُضِعَتِ الدَّوَاوينُ، وَقَامَ سُوقُ الجَنَّة وَالنَّار، وَبهَا انْقَسَمَتِ الخَليقَةُ إلَى مُؤْمنينَ وَكُفَّار، فَهيَ مَنْشَأُ الخَلْق وَالأَمْر، وَالثَّوَاب وَالعِقَابِ، وَهيَ الحَقُّ الَّذي خُلِقَتْ لَهُ الخَليقَةُ، وَعَنْهَا وَعَنْ حُقُوقهَا السُّؤَالُ وَالحسَابُ، وَعَلَيْهَا يَقَعُ الثَّوَابُ وَالعقَابُ، وَعَلَيْهَا نُصِبَتِ القِبْلَةُ، وَعَلَيْهَا أُسِّسَت الملَّةُ، وَلأَجْلهَا جُرِّدَتْ سُيُوفُ الجِهَادِ، وهى حَقُّ اللَّهِ عَلَى جَميع العِبَادِ، فَهيَ كَلمَةُ الإسْلاَم، وَمفْتَاحُ دَار السَّلاَم، وَعَنْهَا يُسْأَلُ الأَوَّلُونَ وَالآخِرُونَ، فَلاَ تَزُولُ قَدَمَا العَبْدِ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ مَسْأَلَتَيْن: «مَاذَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ وَمَاذَا أَجَبْتُمُ المُرْسَلينَ؟».

وَجَوَابُ الأُولَى: بتَحْقيقِ «لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ» مَعْرفَةً وَإقْرَارًا وَعَمَلاً.

وَجَوَابُ الثَّانيَة: بتَحْقيق أَنَّ «مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّه» مَعْرفَةً وَانْقيَادًا وَطَاعَةً.

هَذِهِ الكَلمَةُ هيَ الفَارقَةُ بَيْنَ الكُفْر وَالإسْلاَم، وهى كَلمَة التَّقْوَى وَالعَرْوَةُ الوُثْقَى، وَهِيَ الَّتي جَعَلَهَا إبْرَاهيمُ: ﴿كَلِمَةَۢ بَاقِيَةٗ فِي عَقِبِهِۦ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ [الزخرف: 28]، وَهِيَ الَّتي شَهِدَ اللَّهُ لنَفْسه، وَشَهِدَ بهَا مَلاَئكَتُهُ وَأُولُو العِلْمِ منْ خَلْقه، قَالَ تَعَالَى: ﴿شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلۡعِلۡمِ قَآئِمَۢا بِٱلۡقِسۡطِۚ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ [آل عمران: 18].


الشرح