وَهِيَ كَلمَةُ الإخْلاَص، وَشَهَادَة الحَقِّ،
وَدَعْوَة الحَقِّ، وَبَرَاءَةٌ مِنَ الشِّرْك، وَلأَجْلهَا خَلَقَ اللَّهُ
الخَلْقَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا
لِيَعۡبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56].
وَلأَجْلهَا
أُرْسِلَتِ الرُّسُلُ، وَأُنْزِلَتِ الكُتُبُ، كَمَا قَالَ: ﴿وَمَآ
أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِيٓ إِلَيۡهِ أَنَّهُۥ لَآ
إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعۡبُدُونِ﴾
[الأنبياء: 25]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿يُنَزِّلُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةَ بِٱلرُّوحِ مِنۡ أَمۡرِهِۦ
عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦٓ أَنۡ أَنذِرُوٓاْ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ
إِلَّآ أَنَا۠ فَٱتَّقُونِ﴾
[النحل: 2].
قَالَ
ابْنُ عُيَيْنة: مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ مِنْ العِبَادِ نعْمَةً
أَعْظَمَ منْ أَنْ عَرَّفَهُمْ «لاَ إلَهَ
إلاَّ اللَّهُ».
وَإنَّ
«لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ» لأَهْل
الجَنَّة كَالمَاء البَارِدِ لأَهْل الدُّنْيَا فَمَنْ قَالَهَا، عَصَمَ مَالَهُ
وَدَمَهُ، وَمَنْ أَبَاهَا فَمَالُهُ وَدَمُهُ هَدَرٌ؛ فَفي الصَّحيح عَنِ
النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ
قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ حَرُمَ
مَالُهُ وَدَمُهُ، وَحِسَابُهُ عَلَى الله» ([1]).
وَهيَ
أَوَّلُ مَا يُطْلَبُ مِنَ الكُفَّار عنْدَمَا يُدْعَونَ إلَى الإسْلاَم؛ فَإنَّ
النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا إلَى اليَمَن قَالَ لَهُ: «إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ
الْكِتَابِ، فَإذَا جِئْتَهُمْ، فَادْعُهُمْ إلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ
إِلاَّ اللهُ» ([2]).
وَبهَذَا تَعْلَمُ مَكَانَتَهَا فِي الدِّين، وَأَهَمِّيَّتهَا فِي الحَيَاة، وَأَنَّهَا أَوَّلُ وَاجِبٍ عَلَى العِبَادِ؛ لأَنَّهَا الأَسَاسُ الَّذي تُبْنَى عَلَيْه جَميعُ الأَعْمَال.