×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

فَالاسْمُ (اللَّهُ) مُبْتَدَأٌ، خَبَرُهُ دَلَّ عَلَيْه الاسْتِفْهَامُ، كَمَا فِي نَظَائر ذَلكَ، تَقُولُ: مَنْ جَاركَ؟ فَيَقُولُ: زَيْدٌ، وَأَمَّا الاسْمُ المُفْرَدُ مُظْهَرًا وَمُضْمَرًا فَلَيْسَ بكَلاَمٍ تَامٍّ، وَلاَ جُمْلَةٍ مُفيدَةٍ، وَلاَ يَتَعَلَّقُ به إيمَانٌ وَلاَ كُفْرٌ، وَلاَ أَمْرٌ، وَلاَ نَهْيٌ، وَلَمْ يَذْكر ذَلكَ أَحَدٌ مِنْ سَلَفِ الأَئمَّة، وَلاَ شَرَعَ ذَلكَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وَلاَ يُعْطي القَلْبُ نَفْسَهُ مَعْرفَةً مُفيدَةً، وَلاَ حَالاً نَافعًا، وَإنَّمَا يُعْطيه تَصَوُّرًا مُطْلَقًا، لاَ يُحْكَمُ فيه بنَفْيٍ وَلاَ إثْبَات.

إلَى أَنْ قَالَ: وَقَد وَقَعَ بَعْض مَنْ وَاظَبَ عَلَى هَذَا الذِّكْر بالاسْم المُفْرَد وَبـ (هُوَ) فِي فُنُونٍ منَ الإلْحَاد، وَأَنْوَاعٍ من الاتِّحَاد، وَمَا يُذْكَر عَن بَعْض الشُّيُوخ أَنَّهُ قَالَ: أَخَافُ أَن أَمُوتَ بَيْنَ النَّفْي وَالإثْبَات، حَالٌ لاَ يُقْتَدَى فِيهَا بصَاحبهَا؛ فَإنَّ فِي ذَلكَ من الغَلَط مَا لاَ خَفَاءَ به؛ إِذْ لَو مَاتَ العَبْدُ فِي هَذِهِ الحَال، لَم يَمُتْ إلاَّ عَلَى مَا قَصَدَهُ وَنَوَاهُ؛ إذ الأَعْمَال بالنِّيَّات، وَقَد ثَبَتَ أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بتَلْقين المَيِّت «لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ»، وَقَالَ: «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلاَمِهِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، دَخَلَ الْجَنَّةَ» ([1])، وَلَو كَانَ مَا ذَكَرَهُ مَحْظُورًا لَم يُلَقِّن للْمَيِّت كَلمَةً يُخَافُ أَن يَمُوتَ فِي أَثْنَائهَا مَوْتًا غَيْرَ مَحْمُودٍ.

بَل كَانَ مَا اخْتَارَهُ من ذِكْرِ الاسْم المُفْرَد، وَالذِّكْر بالاسْم المُضْمَر أَبْعَد عَن السُّنَّة، وَأَدْخَلُ فِي البِدْعَةِ، وَأَقْرَبُ إلَى إضْلاَل الشَّيْطَان؛ فَإنَّ مَنْ قَالَ: يَا هُوَ يَا هُوَ، أَو هُوَ هُوَ؛ وَنَحْوَ ذَلكَ لَم يَكُن الضَّميرُ عَائدًا إلاَّ عَلَى مَا يُصَوِّرُهُ قَلْبُهُ، وَالقَلْبُ قَد يَهْتَدي وَقَد يَضلُّ.


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (3116)، وأحمد رقم (22127)، والحاكم رقم (1299)، والطبراني في الكبير رقم (221).