×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

 مُعَيَّنينَ من غَيْر دَليلٍ مِنَ الشَّارع عَلَى ولاَيَتِهِم، وَرُبَّمَا مَنَحُوا الولاَيَةَ لمَن لَم يُعْرف بإيمَانٍ وَلاَ تَقْوَى، بَل قَد يُعْرفُ بضدِّ ذَلكَ من الشَّعْوَذَة وَالسِّحْر وَاسْتحْلاَل المُحَرَّمَات، وَرُبَّمَا فَضَّلُوا مَنْ يَدَّعُونَ لَهُم الولاَيَة عَلَى الأَنْبيَاء صَلَوَات اللَّه وَسَلاَمه عَلَيْهم، كَمَا يَقُولُ أَحَدُهُمْ:

مَقَامُ النُّبُوَّة فِي بَرْزَخٍ **** فُوَيق الرَّسُول وَدُونَ الوَلي

وَيَقُولُونَ: إنَّ الأَوْليَاءَ يَأْخُذُونَ من المَعْدن الَّذي يَأْخُذُ منْهُ المَلَكُ الَّذي يُوحي به إلَى الرَّسُول، وَيَدَّعُونَ لَهُم العصْمَةَ.

قَالَ شَيْخُ الإسْلاَم ابْنُ تَيْمية رحمه الله: وَكَثيرٌ مِنَ النَّاس يَغْلَطُ فِي هَذَا المَوْضع، فَيَظُنُّ فِي شَخْصٍ أَنَّهُ وَليٌّ للَّه، وَيَظُنُّ أَنَّهُ وَليُّ اللَّه، يَقْبَلُ منْهُ كُلَّ مَا يَقُولُهُ، وَيُسَلِّمُ إلَيْه كُلَّ مَا يَقُولُهُ، وَيُسَلِّمُ إلَيْه كُلَّ مَا يَفْعَلُهُ، وَإنْ خَالَفَ الكتَابَ وَالسُّنَّة، فَيُوَافقُ ذَلكَ الشَّخْص، وَيُخَالفُ مَا بَعَثَ اللَّهُ به رَسُولَهُ الَّذي فَرَضَ اللَّهُ عَلَى جَميع الخَلْق تَصْديقَهُ فيمَا أَخْبَرَ، وَطَاعَتَهُ فيمَا أَمَرَ...

إلَى أَن قَالَ: وَهَؤُلاَء مُشَابهُونَ للنَّصَارَى الَّذينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ: ﴿ٱتَّخَذُوٓاْ أَحۡبَارَهُمۡ وَرُهۡبَٰنَهُمۡ أَرۡبَابٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلۡمَسِيحَ ٱبۡنَ مَرۡيَمَ وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُوٓاْ إِلَٰهٗا وَٰحِدٗاۖ لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۚ سُبۡحَٰنَهُۥ عَمَّا يُشۡرِكُونَ [التوبة: 31].

وَفي المُسْنَد وَصَحَّحَهُ التِّرْمذيُّ.عَن عَدِيِّ بْن حَاتمٍ فِي تَفْسير هَذِهِ الآيَة، لَمَّا سَأَلَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْهَا، فَقَالَ: مَا عَبَدُوهُم، فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «كَانُوا إذَا أَحَلُّوا لَهُم شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ، وَإذَا حَرَّمُوا عَلَيْهم شَيْئًا حَرَّمُوهُ» ([1])، إلَى أَن قَالَ: وَتَجدُ كَثيرًا من هَؤُلاَء فِي اعْتقَاد كَوْنه وَليًّا للَّه، أَنَّهُ قَد صَارَ عنْدَهُ مُكَاشَفَة فِي بَعْض الأُمُور أَو بَعْض التَّصَرُّفَات


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (3095)، والطبراني في الكبير رقم (218).