×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

الخَارقَة للْعَادَة، مِثْلَ أَن يُشيرَ إلَى شَخْصٍ فَيَمُوت، أَو يَطيرَ فِي الهَوَاء إلَى مَكَّةَ وَغَيْرهَا، أَوْ يَمْشي عَلَى المَاءِ أَحْيَانًا، أَو يَمْلَأُ إِبْريقًا مِنَ الهَوَاءِ، أَوْ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ اسْتَغَاثَ بِهِ وَهُوَ غَائبٌ أَو مَيِّتٌ، فَرَآهُ قَدْ جَاءَهُ فَقَضَى حَاجَتَهُ، أَو يُخْبِرُ النَّاسَ بمَا سُرِقَ لَهُمْ، أَوْ بِحَال غَائبٍ لَهُم أَو مَريضٍ، أَو نَحْو ذَلكَ، ولَيْس فِي هَذِهِ الأُمُور مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ صَاحبَهَا وَليُّ اللَّه.

بَل قَد اتَّفَقَ أَوْليَاءُ اللَّهِ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ لَو طَارَ فِي الهَوَاء أَو مَشَى عَلَى المَاء لَم يُغْتَرَّ به حَتَّى يُنْظَرَ مُتَابَعتهُ للرَّسُول صلى الله عليه وسلم وَمُوَافَقَته لأَمْره وَنَهْيه.

وَكَرَامَاتُ أَوْليَاء اللَّهِ أَعْظَمُ من هَذِهِ الأُمُور، وَهَذِهِ الأُمُورُ الخَارقَةُ للْعَادَة وَإنْ كَانَ قَدْ يَكُونُ صَاحبُهَا وَليًّا للَّه، فَقَد يَكُونُ عَدُوًّا للَّه؛ فَإنَّ هَذِهِ الخَوَارقَ تَكُونُ لكَثيرٍ مِنَ الكُفَّار وَالمُشْركينَ وَأَهْل الكتَاب وَالمُنَافقينَ، وَتَكُونُ لأَهْل البِدَعِ، وَتَكُونُ مِنَ الشَّيَاطين، فَلاَ يَجُوزُ أَن يَظُنَّ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ لَهُ شَيْءٌ من هَذِهِ الأُمُور أَنَّهُ وَليُّ اللَّه.

بَل يُعْتَبـرُ أَوْليَاءُ اللَّه بصِفَاتِهِم وَأَفْعَالهم وَأَحْوَالهم الَّتي دَلَّ عَلَيْهَا الكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَيُعْرفُونَ بِنُورِ الإيمَان وَالقُرْآن وَبحَقَائق الإيمَان البَاطنَة، وَشَرَائع الإسْلاَم الظَّاهرَة، مِثَالُ ذَلكَ: أَنَّ هَذِهِ الأُمُورَ المَذْكُورَةَ وَأَمْثَالَهَا قَدْ تُوجَدُ فِي أَشْخَاصٍ، وَيَكُونُ أَحَدُهُمْ لاَ يَتَوَضَّأُ، وَلاَ يُصَلِّي الصَّلَوَات المَكْتُوبَةَ، بَل يَكُونُ مُلاَبِسًا للنَّجَاسَات، مُعَاشرًا للْكلاَب، يَأْوي إلَى الحَمَّامَات وَالقَمَامينَ وَالمَقَابر وَالمَزَابل، رَائحَتُهُ خَبيثَةٌ، لاَ يَتَطَهَّرُ الطَّهَارَة الشَّرْعيَّةَ، وَلاَ يَتَنَظَّفُ، إلَى أَنْ قَالَ: فَإذَا كَانَ الشَّخْصُ مُبَاشرًا للنَّجَاسَات وَالخَبَائِثِ الَّتي يُحبُّهَا الشَّيْطَانُ، أَوْ يَأْوي إلَى الحَمَّامَات وَالحُشُوش الَّتي تَحْضُرُهَا الشَّيَاطينُ، أَو يَأْكُلُ الحَيَّات وَالعَقَارب وَالزَّنَابير،


الشرح