×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

وَالَّذينَ حَضَرُوهُ مِنَ الشُّيُوخ المَحْمُودينَ تَرَكُوهُ فِي آخر أَمْرِهِم، وَأَعْيَانُ المَشَايخ عَابُوا أَهْلَهُ كَمَا فَعَلَ ذَلكَ عَبْدُ القَادِرِ وَالشَّيْخُ أَبُو البَيَان وَغَيْرهُمَا مِنَ المَشَايخ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّافعيُّ رحمه الله من أَنَّهُ مِنْ إحْدَاث الزَّنَادقَة، كَلاَم إمَامٍ خَبيرٍ بأُصُول الإسْلاَم؛ فَإنَّ هَذَا السَّمَاعَ لَم يَرْغَب فيه، وَيَدْعُو إلَيْه فِي الأَصْل إلاَّ مَنْ هُوَ مُتَّهَمٌ بالزَّنْدَقَة كَابْن الرَّاونْدي وَالفَارَابي وَابْن سينَا وَأَمْثَالهم، إلَى أَنْ قَالَ: وَأَمَّا الحُنَفَاءُ أَهْلُ مِلَّةِ إبْرَاهيمَ الخَليل الَّذي جَعَلَهُ اللَّهُ إمَامًا، وَأَهْل دِينِ الإسْلاَم الَّذي لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ من أَحَدٍ دِينًا غَيْرهُ، المُتَّبعُونَ لشَريعَة خَاتَم الرُّسُل مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، فَلَيْسَ فِيهِم مَنْ يَرْغَب فِي ذَلكَ، وَلاَ يَدْعُو إلَيْه، وَهَؤُلاَء هُمْ أَهْلُ القُرْآن وَالإيمَان وَالهُدَى وَالسَّعْد وَالرَّشَاد وَالنُّور وَالفَلاَح، وَأَهْل المَعْرفَة وَالعِلْمِ وَاليَقين وَالإخْلاَص للَّه، وَالمَحَبَّة لَهُ، وَالتَّوَكُّل عَلَيْه، وَالخَشْيَة لَهُ، وَالإنَابَة إلَيْه. إلَى أَنْ قَالَ: وَمَنْ كَانَ لَهُ خِبْرَةٌ بحَقَائق الدِّين، وَأَحْوَال القُلُوب وَمَعَارفهَا وَأَذْوَاقهَا وَمَوَاجِيدِهَا، عَرَفَ أَنَّ سَمَاعَ المُكَاء وَالتَّصْدية لاَ يَجْلبُ للْقُلُوب مَنْفَعَة، وَلاَ مَصْلَحةً إلاَّ فِي ضِمْنِ ذَلكَ مِنَ الضَّرَر وَالمَفْسَدَة مَا هُوَ أَعْظَمُ منْهُ، فَهُوَ للرُّوح كَالخَمْر للْجَسَد؛ وَلهَذَا يُوَرِّثُ أَصْحَابه سُكْرًا أَعْظَمَ من سُكْر الخَمْر فَيَجدُونَ لَذَّةً بلاَ تَمْييزٍ، كَمَا يَجدُ شَاربُ الخَمْر، بَل يَحْصُلُ لَهُم أَكْثَر وَأَكْبَر ممَّا يَحْصُلُ لشَارب الخَمْر، وَيَصُدُّهُم ذَلكَ عَن ذِكْرِ اللَّهِ، وَعَنِ الصَّلاَة أَعْظَم ممَّا يَصُدُّهُم الخَمْرُ، وَيُوقِعُ بَيْنَهُم العَدَاوَة وَالبَغْضَاء أَعْظَم من الخَمْر!

وَقَالَ أَيْضًا: وَأَمَّا الرَّقْصُ، فلَمْ يَأْمُر اللَّهُ به، وَلاَ رَسُولُهُ، وَلاَ أَحَدٌ من الأَئمَّة، بَل قَدْ قَالَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ: ﴿وَٱقۡصِدۡ فِي مَشۡيِكَ وَٱغۡضُضۡ مِن صَوۡتِكَۚ [لقمان: 19] وَقَالَ فِي كِتَابِهِ: ﴿وَعِبَادُ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلَّذِينَ يَمۡشُونَ عَلَى


الشرح