×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

 ضَلاَلَةٌ» ([1])، وَأَيْضًا هُوَ وَسيلَةٌ إلَى أَن يَتَطَوَّرَ وَيَحْصُلَ فيه مَا يَحْصُلُ فِي الاحْتفَالاَت الأُخْرَى من المُنْكَرَات.

وَقُلْنَا: إنَّهُ بدْعَةٌ؛ لأَنَّهُ لاَ أَصْلَ لَهُ فِي الكتَاب وَالسُّنَّة وَعَمَل السَّلَف الصَّالح، وَالقُرُون المُفَضَّلَة، وَإنَّمَا حَدَثَ مُتَأَخِّرًا بَعْدَ القَرْن الرَّابع الهجْريِّ، أَحْدَثَهُ الفَاطميُّونَ الشِّيعَةُ.

قَالَ الإمَامُ أَبُو حَفْصٍ تَاج الدِّين الفَاكهَاني رحمه الله: أَمَّا بَعْدُ، فَقْد تَكَرَّر سُؤَالُ جَمَاعَةٍ من المُبَارَكينَ عَن الاجْتمَاع الَّذي يَعْمَلُهُ بَعْضُ النَّاس فِي شَهْر رَبيعٍ الأَوَّل، وَيُسمُّونَهُ المَوْلدَ، هَل لَهُ أَصْلٌ فِي الدِّين؟ وَقَصَدُوا الجَوَابَ عَن ذَلكَ مُبَيَّنًا، وَالإيضَاحُ عَنْهُ مُعَيَّنًا، فَقُلْتُ بِاللَّهِ التَّوْفيقُ:

لاَ أَعْلَمُ لهَذَا المَوْلد أَصْلاً فِي كتَابٍ وَلاَ سُنَّةٍ، وَلاَ يُنْقَلُ عَمَلُهُ عَن أَحَدٍ من عُلَمَاء الأُمَّة الَّذينَ هُمُ القُدْوَة فِي الدِّين، المُتَمَسِّكينَ بآثَار المُتَقَدِّمينَ، بَل هُوَ بدْعَةٌ أَحْدَثَهَا البَطَّالُون، وَشَهْوَة نَفْسٍ اغْتَنَى بهَا الأَكَّالُون.

وَقَالَ شَيْخُ الإسْلاَم ابْنُ تَيْمية رحمه الله: وَكَذَلكَ مَا يُحْدثُهُ بَعْضُ النَّاس؛ إمَّا مُضَاهَاةً للنَّصَارَى فِي ميلاَد عيسَى عليه السلام، وَإمَّا مَحَبَّةً للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَتَعْظيمًا من اتِّخَاذ مَوْلد النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عيدًا مَعَ اخْتلاَف النَّاس فِي مَوْلده؛ فَإنَّ هَذَا لَم يَفْعَلْهُ السَّلَفُ، وَلَو كَانَ هَذَا خَيْرًا مَحْضًا أَو رَاجحًا لَكَانَ السَّلَفُ رضي الله عنهم أَحَقَّ به منَّا، فَإنَّهُم كَانُوا أَشَدَّ مَحَبَّةً للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَتَعْظيمًا لَهُ منَّا، وَهُمْ عَلَى الخَيْر أَحْرصُ، وَإنَّمَا كَانَت مَحَبَّتُهُ وَتَعْظيمُهُ فِي مُتَابَعَته وَطَاعَته، وَاتِّبَاعِ أمْرِهِ، وَإحْيَاء سُنَّته بَاطنًا وَظَاهرًا، وَنَشْر مَا بُعِثَ به، وَالجهَاد عَلَى ذَلكَ بالقَلْب وَاليَد وَاللِّسَان؛ فَإنَّ هَذِهِ طَريقَةُ السَّابقينَ


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4607)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17144).