الأَوَّلينَ من المُهَاجرينَ وَالأَنْصَار،
وَالَّذينَ اتَّبَعُوهُم بإحْسَانٍ - بتَحْقيق الدُّكْتُور نَاصر العَقْل.
انْتَهَى.
وَقَد
أُلِّفَتْ فِي إنْكَار هَذِهِ البدْعَة كُتُبٌ وَرَسَائلُ قَديمَةٌ وَحَديثَةٌ،
وَهُوَ علاَوَةٌ عَلَى كَوْنه بدْعَةً وَتَشَبُّهًا، فَإنَّهُ يَجُرُّ إلَى
إقَامَة مَوَالدَ أُخْرَى؛ كَمَوَالدِ الأَوْليَاء وَالمَشَايخ وَالزُّعَمَاء،
فَيَفْتَحُ أَبْوَابَ شَرٍّ كَثيرَةً.
التَّبَرُّكُ بالأَمَاكن وَالآثَار وَالأَشْخَاص أَحيَاءً وَأَمْوَاتًا
****
التَّبَرُّكُ:
طَلَبُ البَرَكَة - وَهيَ ثَبَاتُ الخَيْر فِي الشَّيْء وَزيَادَته - وَطَلَبُ
ثُبُوت الخَيْر وَزيَادَته إنَّمَا يَكُونُ ممَّن يَمْلكُ ذَلكَ، وَيَقْدِرُ
عَلَيْه، وَهُوَ اللَّهُ سبحانه وتعالى، فَهُوَ الَّذي يُنْزلُ البَرَكَةَ
وَيُثَبِّتُهَا، أَمَّا المَخْلُوقُ فَإنَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَى مَنْح البَرَكَة
وَإيجَادِهَا، وَلاَ عَلَى إبْقَائِهَا وَتَثْبيتهَا، فَالتَّبَرُّكُ بالأَمَاكن
وَالآثَار وَالأَشْخَاص أَحيَاءً وَأَمْوَاتًا لاَ يَجُوزُ؛ لأَنَّهُ إمَّا
شِرْكٌ، إنِ اعْتَقَدَ أَنَّ هَذَا الشَّيْءَ يَمْنَحُ البَرَكَةَ، أَو وَسيلَة
إلَى الشِّرْك، إنِ اعْتَقَدَ أَنَّ زيَارَتَهُ وَمُلاَمَسَتَهُ وَالتَّمَسُّح به
سَبَبٌ لحُصُولهَا مِنَ اللَّهِ.
وَأَمَّا مَا كَانَ الصَّحَابَةُ يَفْعَلُونَهُ منَ التَّبَرُّك بشَعَرِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَريقِهِ، وَمَا انْفَصل من جِسْمِهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَلكَ خَاصٌّ به صلى الله عليه وسلم، وَفي حَال حَيَاتِهِ، بدَليل أَنَّ الصَّحَابَةَ لَم يَكُونُوا يَتَبَرَّكُونَ بحُجْرَته وَقَبْره بَعْدَ مَوْتِهِ، وَلاَ كَانُوا يَقْصدُونَ الأَمَاكنَ الَّتي صَلَّى فِيهَا، أَوْ جَلَسَ فيهَا؛ ليَتَبَرَّكُوا بهَا، وَكَذَلكَ مَقَامَاتُ الأَوْليَاء من بَاب أَوْلَى، وَلَم يَكُونُوا يَتَبَرَّكُونَ بالأَشْخَاص الصَّالِحِينَ، كَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَغَيْرِهِمَا من أَفَاضِل الصَّحَابَة لاَ فِي الحَيَاة، وَلاَ بَعْدَ المَوْتِ، وَلَم يَكُونُوا يَذْهَبُونَ إلَى غَارِ حِرَاءٍ ليَصلُّوا فيه أَو يَدْعُوا،