فَهُوَ
رَدٌّ» ([1])،
وَقَالَ: «وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ
الأُْمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» ([2])،
فَعَلَى الدُّعَاة أَن يَهْتَمُّوا بدَعْوَة النَّاس إلَى إحْيَاء السُّنَن،
وَتَرْك البِدَعِ وَإمَاتَتِهَا، فَهَذَا من أَعْظَم مَجَالاَت الدَّعْوَة.
ثُمَّ
بَعْدَ ذَلكَ يَتَّجهُ الدُّعَاةُ إلَى الدَّعْوَة إلَى أَدَاء الفَرَائض، وَتَرْك
المَعَاصي وَالمُحَرَّمَات، وَتَصْحيح المُعَامَلاَت؛ لأَنَّ المَعَاصي سَبَبٌ
لهَلاَك العِبَادِ وَالبِلاَدِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ظَهَرَ ٱلۡفَسَادُ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ بِمَا
كَسَبَتۡ أَيۡدِي ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعۡضَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمۡ
يَرۡجِعُونَ﴾ [الروم: 41]، وَوُجُودُ الدُّعَاة
وَالمُصْلِحِينَ أَمَانٌ من العَذَاب وَالهَلاَك، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ
رَبُّكَ لِيُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ بِظُلۡمٖ وَأَهۡلُهَا مُصۡلِحُونَ﴾ [هود: 117]، وَعَدَم وُجُود الدُّعَاة وَالمُصْلحينَ
سَبَبُ الهَلاَك.
وَعَلَى
الدُّعَاة أَن يُرَاعُوا أَحْوَالَ المَدْعُوِّينَ، فَالجَاهلُ لَهُ مُعَامَلَةٌ
فِي الدَّعْوَة، وَالعَامِلُ لَهُ مُعَامَلَة، وَالمُعَاندُ لَهُ مُعَامَلَة،
فَيُعَامَلُوا كُلًّا بمَا يَليقُ به، قَالَ تَعَالَى: ﴿ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ
ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ﴾
[النحل: 125]؛ وَذَلكَ أَنَّ المَدْعُوَّ لَهُ حَالاَتٌ يُعَاملُ فِي كُلِّ حَالٍ
بمَا يُنَاسبُهَا:
الحَالَةُ
الأُولَى: أَن يَكُونَ جَاهلاً بالحَقِّ، وَلَو بُيِّنَ لَهُ
لأَخَذَ بِهِ، فَهَذَا يُدْعَى بالحِكْمَةِ وَاللِّين وَاللُّطْف وَالرَّأْفَة.
الحَالَةُ الثَّانيَةُ: مَنْ إذَا بُيِّنَ لَهُ الحَقُّ، لَم يُسْرِعْ لقَبُوله وَالعَمَل به، بَل يَكُونُ عنْدَهُ كَسَلٌ وَفُتُورٌ، فَهَذَا يَحْتَاجُ مَعَ البَيَان إلَى مَوْعظَةٍ بأَن يُخَوَّفَ، وَيُبَيَّنَ لَهُ ثَوَابُ المُطِيعِينَ وَعِقَاب العَاصينَ.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1718).