وَقَدْ قَالَ الشَّاعرُ:
لاَ تَنْه عَن خُلُقٍ وَتَأْتي مِثْلَهُ **** عَارٌ
عَلَيْكَ إذَا فَعَلْتَ عَظيمُ
عَلَى
الدَّاعيَة أَن يَكُونَ مُخْلِصًا للَّهِ فِي دَعْوَته، لاَ يُريدُ بهَا ريَاءً،
وَلاَ سُمْعَةً، وَلاَ مَدْحًا منَ النَّاس، وَلاَ إظْهَارًا لنَفْسِهِ، وَإنَّمَا
يُريدُ إظْهَارَ دِينِ اللَّه، وَإعْلاَء كَلمَتِهِ، وَنَفْع المَدْعُوِّينَ
وَهِدَايَتِهِمْ إلَى الخَيْر، وَهَذَا يُؤْخَذُ من قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلۡ هَٰذِهِۦ
سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ﴾
[يوسف: 108].
قَالَ
الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْن عَبْد الوَهَّابَ رحمه الله: فِيهَا التَّنْبيهُ عَلَى
الإخْلاَص؛ لأَنَّ كَثيرًا مِنَ النَّاس لَوْ دَعَا إلَى الحَقِّ، فَهُوَ يَدْعُو
إلَى نَفْسِهِ، يَعْني: أَنَّهُ يُريدُ الظُّهُورَ وَالمَدْحَ منَ النَّاس، وَهَذَا
يُنَافي الإخْلاَصَ.
عَلَى
الدَّاعيَة أَن يَتَحَلَّى بالصَّبْر وَالحِلْمِ؛ لأَنَّهُ سَيَتَعَرَّضُ فِي
سَبِيلِ الدَّعْوَة لمَشَاقَّ، وَسَيُوَاجهُ صُعُوبَاتٍ، وَمَا لَم يَتَحَلَّ
بالصَّبْر وَالحِلْمِ، فَإنَّهُ سَيَقفُ فِي أَوَّل الطَّريق؛ وَلهَذَا لَمَّا أَمَرَ
اللَّهُ نَبيَّهُ صلى الله عليه وسلم بالدَّعْوَة، أَمَرَهُ بالصَّبْر، فَقَالَ:﴿وَٱصۡبِرۡ
وَمَا صَبۡرُكَ إِلَّا بِٱللَّهِۚ وَلَا تَحۡزَنۡ عَلَيۡهِمۡ وَلَا تَكُ فِي
ضَيۡقٖ مِّمَّا يَمۡكُرُونَ﴾
[النحل: 127]، وَقَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ: ﴿يَٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡمَعۡرُوفِ
وَٱنۡهَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنۡ
عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ﴾ [لقمان:
17].
عَلَى
الدَّاعيَة أَنْ يُوقِنَ بأَنَّ العَاقبَةَ الحَميدَةَ للْحَقِّ وَلَو تَأَخَّرَت،
وَلاَ يَقْنَط، وَلاَ يَيْأَس مِنْ عَدَم حُصُول النَّتَائج الحَميدَة، وَلَوْ
عَلَى الأَقَلِّ إقَامَة الحُجَّة وَبَرَاءَة الذِّمَّة، كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ
سُبْحَانَهُ عَن الَّذينَ أَنْكَرُوا عَلَى أَصْحَاب السَّبْت فِعْلَتَهُم الشَّنيعَة،
وَقَالَ لَهُم مَنْ قَالَ: ﴿لِمَ تَعِظُونَ قَوۡمًا ٱللَّهُ مُهۡلِكُهُمۡ أَوۡ
مُعَذِّبُهُمۡ عَذَابٗا شَدِيدٗاۖ قَالُواْ مَعۡذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمۡ
وَلَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ﴾
[الأعراف: 164].