قَالَ الإمَامُ الشَّوْكَانيُّ رحمه الله: أَيْ:
مَوْعِظَتُنَا مَعْذِرَةٌ إلَى اللَّهِ حَتَّى لاَ يُؤَاخذَنَا بِتَرْكِ الأَمْر
بالمَعْرُوف، وَالنَّهْي عَنِ المُنْكَر اللَّذَيْن أَوْجَبَهُمَا اللَّهُ
عَلَيْنَا، وَلرَجَاء أَنَّ يَتَّعظُوا فَيَتَّقُوا وَيُقْلِعُوا عَمَّا هُمْ
فِيهِ منَ المَعْصِيَةِ.
ثَمَرَة الدَّعْوَة إلَى اللَّه وَنَتَائجهَا
****
لاَ
شَكَّ أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ من أَعْمَال الخَيْر لاَ بُدَّ أَن تَكُونَ لَهُ آثَارٌ
طَيِّبَةٌ، وَنَتَائجُ حَميدَةٌ، وَالدَّعْوَة إلَى اللَّهِ من أَجَلِّ أَعْمَال
الخَيْر، وَهيَ وَظيفَةُ الرُّسُل وَأَتْبَاعِهِم، فَلَهَا آثَارٌ حَميدَةٌ؛
منْهَا: امْتثَالُ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى بقَوْله: ﴿ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ﴾
[النحل: 125]. ﴿وَٱدۡعُ
إِلَىٰ رَبِّكَۖ﴾ [الحج:
67]، وَقَوْله: ﴿فَلِذَٰلِكَ
فَٱدۡعُۖ وَٱسۡتَقِمۡ كَمَآ أُمِرۡتَۖ﴾
[الشورى: 15].
وَالأَمْرُ
للرَّسُول صلى الله عليه وسلم أَمْرٌ لأُمَّته مَا لَمْ يَدُلَّ دَليلٌ عَلَى
اخْتصَاصِهِ بِهِ، فَكَمَا أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم مَأْمُورٌ بالدَّعْوَة،
فَأُمَّتُهُ مَأْمُورَةٌ بذَلكَ، بَلْ قَدْ أَمَرَهَا اللَّهُ بذَلكَ فِي قَوْله: ﴿وَلۡتَكُن
مِّنكُمۡ أُمَّةٞ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَيۡرِ﴾
[آل عمران: 104].
وَمنْهَا:
الاقْتدَاءُ برَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿قُلۡ هَٰذِهِۦ
سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ﴾ [يوسف: 108]، فَأَتْبَاعُ الرَّسُول يَدْعُونَ إلَى
اللَّهِ عَلَى بَصيرَةٍ كَمَا دَعَا الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم إلَى اللَّه
عَلَى بَصيرَةٍ، وَمَنْ لَم يَدْعُ كَانَ اتِّبَاعُهُ نَاقصًا.
وَمنْهَا: تَبْليغُ دِينِ اللَّه إلَى النَّاس، وَقَدْ أَمَرنَا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بذَلكَ، فَقَالَ: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَو آيَةً» ([1])، وَمَنْ لَمْ يُبلِّغْ مَا عَلِمَهُ مِنْ دِينِ اللَّهِ، كَانَ كَاتمًا، وَقَد تَوَعَّدَ اللَّهُ الَّذينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ البَيِّنَات وَالهُدَى باللَّعْنَة.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3461).