×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ بالهِجْرَةِ من بِلاَدِ الكُفْر إلَى بِلاَدِ الإسْلاَم مِنْ أَجْل مُفَارَقَة البِيئَةِ الفَاسِدَةِ.

لَمَّا كَانَت هَذِهِ العَوَامل هيَ سَبَب ضَلاَل الخَلْق مَعَ تَأْثير النُّفُوس الأَمَّارَة بالسُّوء، أَمَرَ اللَّهُ بالدَّعْوَة إلَى اللَّه لرَدِّ الشَّاردينَ، وَتَعْليم الجَاهلينَ، وَتَذْكير الغَافِلِينَ، فَأَنْزَلَ كُتُبَهُ، وَأَرْسَلَ رُسُلَهُ من أَجْل الدَّعْوَة إلَيْه، وَدَعَا عبَادَهُ إلَى الرُّجُوع إلَيْه، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَٱللَّهُ يَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱلۡجَنَّةِ وَٱلۡمَغۡفِرَةِ بِإِذۡنِهِۦۖ [البقرة: 221]، ﴿وَٱللَّهُ يَدۡعُوٓاْ إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلَٰمِ [يونس: 25]، ﴿يَدۡعُوكُمۡ لِيَغۡفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرَكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗىۚ [إبراهيم: 10]، وَجَاءَت النِّدَاءَاتُ المُتَكَرِّرَةُ مِنْهُ سُبْحَانَهُ فِي كِتَابِهِ الكَريم: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا، (يَا عِبَادِي). يَدْعُوهُم إلَى الخَيْر، وَيَنْهَاهُم عَنِ الشَّرِّ.

أَهَمِّيَّةُ الدَّعْوَة وَمَكَانَتهَا فِي الإسْلاَم

****

مُنْذُ حَصَلَ الانْحرَافُ فِي البَشَريَّة عَن عَقيدَة التَّوْحيد - فِي قَوْم نُوحٍ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ يُرْسلُ الرُّسُلَ لدَعْوَة الخَلْق إلَى التَّوْحيد وَالإيمَان، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ [النحل: 36] وَبَيَّنَ مُهمَّتهم فِي قَوْلِهِ: ﴿رُّسُلٗا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةُۢ بَعۡدَ ٱلرُّسُلِۚ [النساء: 165]، ﴿يُنَزِّلُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةَ بِٱلرُّوحِ مِنۡ أَمۡرِهِۦ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦٓ أَنۡ أَنذِرُوٓاْ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱتَّقُونِ [النحل: 2].

وَلَمَّا كَانَت هَذِهِ الأُمَّةُ المُحَمَّديَّة وَارثَة الرِّسَالاَت وَالكُتُب السَّمَاويَّة بمَا جَعَلَ اللَّهُ نَبيَّها خَاتَمَ الرُّسُل، وَمَبْعُوثًا للنَّاس كَافَّة، وَجَعَلَ كتَابهَا المُهَيْمن عَلَى الكُتُب، وَجَعَلَهَا وَارثَة هَذَا الكِتَابِ العَظيم، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ أَوۡرَثۡنَا ٱلۡكِتَٰبَ ٱلَّذِينَ ٱصۡطَفَيۡنَا مِنۡ عِبَادِنَاۖ [فاطر: 32] فَإنَّهَا يَجبُ


الشرح