عَمَلاً صَالحًا وَهُوَ تَأْديَةُ مَا فَرَضَ
اللَّهُ عَلَيْه من اجْتنَاب مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْه، وَكَانَ مِنَ
المُسْلمينَ دِينًا، لاَ من غَيْرهم، فَلاَ شَيْءَ أَحْسَن منْهُ، وَلاَ أَوْضَح
من طَريقَتِهِ، وَلاَ أَكْثَر ثَوَابًا من عَمَلِهِ. انْتَهَى.
إنَّ
الدَّعْوَةَ إلَى اللَّه تَعَالَى لَهَا مَكَانَةٌ عَظيمَةٌ فِي الإسْلاَم، فَهيَ
أَعْظَمُ المَهَمَّات الَّتي بُعِثَ من أَجْلهَا الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم،
وَكُلِّفَ بِهَا هُوَ وَأَتْبَاعُهُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ
عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ﴾
[يوسف: 108].
وَالدَّعْوَةُ
إلَى اللَّهِ تَسْبقُ القِتَالَ فِي سَبِيلِ اللَّه، فَقَد كَانَ صلى الله عليه
وسلم يَدْعُو الكُفَّار إلَى اللَّه قَبْلَ أَن يُقَاتلَهُم، وَكَانَ يُوصِي
قُوَّادَهُ وَجُيُوشه وَسَرَايَاهُ أَن يَبْدَؤُوا عَدُوَّهُم بالدَّعْوَة قَبْلَ
القِتَالِ، فَإن اسْتَجَابُوا قَبِلُوا منْهُم، وَإلاَّ قَاتَلُوهُمْ.
إنَّ
الدَّعْوَةَ إلَى اللَّه فِي هَذَا الزَّمَان تَشْتَدُّ الحَاجَةُ إلَيْهَا بسَبَب
كَثْرَة التَّضْليل وَالإلْحَاد، وَنَشَاط دُعَاة الشَّرِّ وَالفَسَاد
وَالإبَاحيَّة، وَاسْتخْدَامهُم مُخْتَلف الوَسَائل، فَهَا هُمْ دُعَاةُ
التَّنْصير يَنْتَشرُونَ فِي العَالَم، وَيَلِجُونَ فِي الأَدْغَال النَّائيَة،
وَيَسْتَغلُّونَ جَهْلَ الشُّعُوب وَفَقْرهَا لبَثِّ شَرِّهم، وَهَا هِيَ
أَحْكَامُ القُرْآن تُنَحَّى، وَتُجْعَل بَديلاً عَنْهَا الأَحْكَامُ
القَانُونيَّةُ فِي غَالِبِ الدُّوَل الإسْلاَميَّة، وَوَسَائل الإعْلاَم فِي
أَغْلَب دُوَل العَالَم تَبُثُّ سُمُومَهَا مُسْتَخْدمَة هَذِهِ الوَسَائل المَرْئيَّة
وَالمَسْمُوعَة وَالمَقْرُوءَة.
وَأَخْطَر
من ذَلكَ نَشَاطُ الفِرَقِ الضَّالَّة الَّتي تَتَسَمَّى بالإسْلاَم، وَهيَ تَكيدُ
لَهُ من دَاخلِهِ بالتَّشْكيك فِي أُصُوله، وَمُعَادَاة السُّنَن وَأَهْلهَا،
وَنَشْر البِدَعِ وَالخُرَافَات، وَبُغْض الصَّحَابَة، وَالابْتعَاد عَن عَقيدَة
السَّلَف، فَأَصْبَحَ المُسْلمُونَ مُهَدَّدينَ منَ الدَّاخل وَالخَارج ممَّا
يَتَطَلَّبُ منَ الدُّعَاة