×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

وَمِنْ حِكْمَةِ اللَّه سبحانه وتعالى أَنَّهُ لاَ يَتْرُكُ عبَادَهُ بِدُونِ اخْتِبَارٍ يُمَيِّزُ الصَّادقَ فِي إيمَانِهِ من الكَاذِبِ المُنَافق: ﴿أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتۡرَكُوٓاْ أَن يَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا وَهُمۡ لَا يُفۡتَنُونَ ٢وَلَقَدۡ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ فَلَيَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱلۡكَٰذِبِينَ ٣ [العنكبوت: 2 - 3].

وَهُنَا يَظْهَرُ الفَرْقُ بَيْنَ مَوَاقف أَهْلِ الإيمَان وَأَهْلِ النِّفَاق وَالكُفْرَان، وَسَنَعْرضُ هُنَا جُمْلَةً من تِلْكَ المَوَاقف كَمَا بَيَّنهَا القُرْآنُ الكَريمُ.

1- فَمِنْ ذَلكَ: مَوْقفُ الفَرِيقَيْن عِنْدَمَا يُدْعَوْنَ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ليَحْكُمَ بَيْنَهُم فيمَا تَنَازَعُوا فِيهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَن مَوْقف المُنَافِقِينَ: ﴿وَيَقُولُونَ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلرَّسُولِ وَأَطَعۡنَا ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٞ مِّنۡهُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَۚ وَمَآ أُوْلَٰٓئِكَ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٤٧وَإِذَا دُعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَهُمۡ إِذَا فَرِيقٞ مِّنۡهُم مُّعۡرِضُونَ ٤٨وَإِن يَكُن لَّهُمُ ٱلۡحَقُّ يَأۡتُوٓاْ إِلَيۡهِ مُذۡعِنِينَ ٤٩أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ٱرۡتَابُوٓاْ أَمۡ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَرَسُولُهُۥۚ بَلۡ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ ٥٠ [النور: 47 - 50].

ثُمَّ بَيَّنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مَوْقِفَ المُؤْمِنِينَ عِنْدَمَا يُدْعَوْنَ إلَى حُكْم اللَّهِ وَرَسُولِهِ بَيْنَهُم، فَقَالَ: ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوۡلَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذَا دُعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَهُمۡ أَن يَقُولُواْ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ [النور: 51].

هَذَا مَوْقفُ الفَريقَيْن عنْدَمَا يُدْعَيَان إلَى التَّحَاكُم إلَى شَريعَة اللَّه، وَهُوَ مَوْقفٌ لاَ يَزَالُ يَتَكَرَّرُ كُلَّمَا حَدَثَت قَضيَّةٌ، أَو عَرَضَتْ نَازلَةٌ، المُنَافقُونَ يُريدُونَ حُكْمَ اللَّه وَرَسُولِهِ فيهَا إذَا كَانَ لَهُمْ.

أَمَّا إذَا كَانَ عَلَيْهم، فَإنَّهُم يَهْرَبُونَ إِلَى حُكْمِ الطَّاغُوت ليُخَلِّصَهُم مِنْ حُكْمِ اللَّهِ، وَالمُؤْمنُونَ يُريدُونَ حُكْمَ اللَّه عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ سَوَاء كَانَ لَهُمْ أَوْ عَلَيْهمْ.


الشرح