×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

وَمن ذَلكَ مَوْقفُ الفَريقَيْن عِنْدَ نُزُول القُرْآن، وَعِنْدَ تِلاَوَتِهِ، فَالمُؤْمنُونَ يَزيدُهُم نُزُولُ القُرْآن وَتلاَوَتُهُ إيمَانًا، وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ، وَالمُنَافقُونَ يَزيدُهُم ذَلكَ رِجْسًا إلَى رِجْسِهِمْ، وَيَتَحَيَّنُونَ الفُرَصَ للانْصرَاف عَنْ سَمَاعِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا مَآ أُنزِلَتۡ سُورَةٞ فَمِنۡهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمۡ زَادَتۡهُ هَٰذِهِۦٓ إِيمَٰنٗاۚ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَزَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا وَهُمۡ يَسۡتَبۡشِرُونَ ١٢٤وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ فَزَادَتۡهُمۡ رِجۡسًا إِلَىٰ رِجۡسِهِمۡ وَمَاتُواْ وَهُمۡ كَٰفِرُونَ ١٢٥ [التوبة: 124- 125]، إلَى قَوْلِهِ: ﴿وَإِذَا مَآ أُنزِلَتۡ سُورَةٞ نَّظَرَ بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٍ هَلۡ يَرَىٰكُم مِّنۡ أَحَدٖ ثُمَّ ٱنصَرَفُواْۚ صَرَفَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَفۡقَهُونَ [التوبة: 127].

وَمِنْ ذَلِكَ مَوْقِفُ الفَريقَيْن عِنْدَ الجِهَادِ فِي سَبيل اللَّه، فَالمُؤْمنُونَ يَرْجُونَ مِنْ رَبِّهم عز وجل أَن يُنْزِلَ عَلَى رَسُوله سُورَةً يَأْمُرُهُم فِيهَا بقِتَالِ الكُفَّار؛ حِرْصًا مِنْهُم عَلَى الجِهَادِ فِي سَبيل اللَّهِ، وَنَيْل مَا أَعَدَّهُ اللَّهُ للْمُجَاهدينَ من جَزِيلِ الثَّوَاب، فَلَمَّا نَزَلَ الأَمْرُ بالجِهَادِ، بَادَرُوا مُغْتَبطينَ فَجَاهَدُوا بأَمْوَالهم وَأَنْفُسِهِمْ.

وَأَمَّا المُنَافقُونَ، فَإنَّهُم عِنْدَمَا نَزَلَ الأَمْرُ بالقِتَالِ، أَصَابَهُم الذُّعْرُ وَالخَوْفُ، وَصَارُوا يَنْتَحلُونَ الأَعْذَارَ تِلْوَ الأَعْذَار للتَّخَلُّف عَنْهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَن مَوْقف الفَريقَيْن: ﴿وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَوۡلَا نُزِّلَتۡ سُورَةٞۖ فَإِذَآ أُنزِلَتۡ سُورَةٞ مُّحۡكَمَةٞ وَذُكِرَ فِيهَا ٱلۡقِتَالُ رَأَيۡتَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ يَنظُرُونَ إِلَيۡكَ نَظَرَ ٱلۡمَغۡشِيِّ عَلَيۡهِ مِنَ ٱلۡمَوۡتِۖ فَأَوۡلَىٰ لَهُمۡ ٢٠طَاعَةٞ وَقَوۡلٞ مَّعۡرُوفٞۚ فَإِذَا عَزَمَ ٱلۡأَمۡرُ فَلَوۡ صَدَقُواْ ٱللَّهَ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡ ٢١ [محمد: 20 - 21].

وَقَالَ تَعَالَى: ﴿لَا يَسۡتَ‍ٔۡذِنُكَ ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ أَن يُجَٰهِدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلۡمُتَّقِينَ ٤٤إِنَّمَا يَسۡتَ‍ٔۡذِنُكَ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَٱرۡتَابَتۡ قُلُوبُهُمۡ فَهُمۡ فِي رَيۡبِهِمۡ يَتَرَدَّدُونَ ٤٥ [التوبة: 44 - 45].


الشرح