×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

سُبْحَانَهُ: ﴿وَتَمَّتۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدۡقٗا وَعَدۡلٗاۚ [الأنعام: 115]. أَيْ: صدْقًا فِي أَخْبَارهَا، عَدْلاً فِي أَحْكَامهَا، فَمَا من مُشْكلَةٍ حَصَلَتْ أَو تَحْصُلُ إلاَّ وَفي الشَّريعَة الإسْلاَميَّة حَلُّهَا، فَيَجبُ تَحْكيمُ هَذِهِ الشَّريعَة فِي القَلِيلِ وَالكَثيرِ، وَفِي كُلِّ شَأْنٍ من شُئُوننَا، وَفِي جَمِيعِ المُخَاصَمَات وَالمُشَاجَرَات، قَالَ تَعَالَى: ﴿فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا [النساء: 59]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا ٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِيهِ مِن شَيۡءٖ فَحُكۡمُهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِۚ [الشورى: 10].

وَكَلمَة «شَيْءُ» فِي الآيَتَيْن نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْط، فَتَعُمُّ كُلَّ نِزَاعٍ، وَكُلَّ اخْتلاَفٍ فِي كُلِّ زَمَانٍ، وَفي كُلِّ مَكَانٍ، فَيَجبُ رَدُّهُ إلَى شَريعَة اللَّهِ؛ لأَخْذ الحُكْمِ الفَاصِلِ منْهَا فِي ذَلكَ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيۡنَهُمۡ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَرَجٗا مِّمَّا قَضَيۡتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسۡلِيمٗا [النساء: 65].

فَيَجِبُ تَحْكيمُ الشَّريعَة فِي جَمِيع الخِلاَفَاتِ، وَهيَ كَفِيلَةٌ بإنْهَائِهَا وَحَلِّهَا بأَعْدَل نِظَامٍ، وَأَصْلَح عَاقِبَة، وَلاَ يَكْفي تَحْكِيمُهَا فِي بَعْض الأُمُور دُونَ بَعْضٍ، كَتَحْكيمهَا فِي الأَحْوَال الشَّخْصيَّة دُونَ غَيْرهَا، وَلاَ يَكُونُ مَنْ فَعَل ذَلكَ مُؤْمنًا؛ لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ [النساء: 65].

فَنَفَى الإيمَانَ عَمَّن لَم يُحَكِّم الشَّريعَةَ فِي جَمِيع الشُّئُون؛ لأَنَّ كَلمَةَ «مَا» من صِيَغِ العُمُوم، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿أَفَتُؤۡمِنُونَ بِبَعۡضِ ٱلۡكِتَٰبِ وَتَكۡفُرُونَ بِبَعۡضٖۚ فَمَا جَزَآءُ مَن يَفۡعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمۡ إِلَّا خِزۡيٞ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰٓ أَشَدِّ ٱلۡعَذَابِۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ [البقرة: 85]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱدۡخُلُواْ فِي ٱلسِّلۡمِ كَآفَّةٗ


الشرح