×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

كَمَا نَفَى عَنْهُ الإيمَانَ فِي آيَاتٍ أُخَرَ حَيْثُ يَقُولُ جلَّ شَأْنُهُ: ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يَزۡعُمُونَ أَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوٓاْ إِلَى ٱلطَّٰغُوتِ [النساء: 60].

فَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ بَيْنَ دَعْوَاهُم الإيمَانَ بمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَبَيْنَ فِعْلِهِم - حَيْثُ حَكَّمُوا غَيْرَهُ - تَنَاقُضًا يُكذِّبُ دَعْوَاهُم، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيۡنَهُمۡ [النساء: 65] فَنَفَى عَنْهُمُ الإيمَانَ نَفْيًا مُؤَكَّدًا بالقَسَم مَا لَم يُحَكِّمُوا شَريعَةَ الإسْلاَم فِي كُلِّ خِلاَفٍ، وَفي كُلِّ نَازِلَةٍ. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَيَقُولُونَ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلرَّسُولِ وَأَطَعۡنَا ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٞ مِّنۡهُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَۚ وَمَآ أُوْلَٰٓئِكَ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٤٧وَإِذَا دُعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَهُمۡ إِذَا فَرِيقٞ مِّنۡهُم مُّعۡرِضُونَ ٤٨وَإِن يَكُن لَّهُمُ ٱلۡحَقُّ يَأۡتُوٓاْ إِلَيۡهِ مُذۡعِنِينَ ٤٩أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ٱرۡتَابُوٓاْ أَمۡ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَرَسُولُهُۥۚ بَلۡ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ ٥٠ [النور: 47- 50].

فَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُم يُبْطلُونَ انْتسَابَهُم إلَى الإسْلاَم، وَدَعْوَاهُم الإيمَانَ بتَوَلِّيهم وَإعْرَاضِهِم عَنْ تَحْكيم شَريعَتِهِ عِنْدَمَا يُدْعَوْنَ إلَى ذَلكَ، وَأَنَّهُ لاَ يَكْفي تَحْكيمُهُم لَهَا فِي جَانِبِ مَا لَهُمْ دُونَ جَانِبِ مَا عَلَيْهم، بَل لاَ بُدَّ من تَحْكِيمِهَا فيمَا لَهُم وَمَا عَلَيْهم، ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ صِفَةَ المُؤْمِنِينَ الصَّادقينَ فِي إيمَانِهِم عِنْدَمَا يُدْعَونَ إلَى تَحْكيم الشَّريعَة الإسْلاَميَّة، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوۡلَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذَا دُعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَهُمۡ أَن يَقُولُواْ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ [النور: 51]، ثُمَّ بَيَّنَ ثَمَرَة الانْقيَاد لحُكْمِ الشَّريعَة وَعَاقبَته، فَقَالَ: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ [الأعراف: 157]، فَهُمُ الحَاصِلُونَ عَلَى الفَلاَح فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ دُونَ أُولَئكَ الَّذِينَ اكْتَفَوْا مِنَ الإسْلاَم بمُجَرَّد الانْتسَاب إلَيْه دُونَ تَحْكيمٍ لشَريعَتِهِ.


الشرح