عَاقبَة وَعُقُوبَة التَّحَاكُم إلَى غَيْر مَا
أَنْزَلَ اللَّه
****
قَالَ
تَعَالَى: ﴿وَمَا
كَانَ لِمُؤۡمِنٖ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمۡرًا أَن
يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡۗ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ
فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلٗا مُّبِينٗا﴾
[الأحزاب: 36].
فَبَيَّنَ
سُبْحَانَهُ أَنَّهُ يَلْزَمُ كُلَّ مُؤْمنٍ لُزُومًا لاَ مَحِيدَ عَنْهُ، وَلاَ
خِيرَةَ فِيهِ امْتِثَال مَا شَرَعَ اللَّهُ أَمْرًا وَنَهْيًا، وَأَنَّ مَنْ
خَالَفَ ذَلكَ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُبِينًا، وَمَنْ ضَلَّ عَنْ صِرَاطِ اللَّه،
فَهُوَ خَاسرٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿فَلۡيَحۡذَرِ ٱلَّذِينَ
يُخَالِفُونَ عَنۡ أَمۡرِهِۦٓ أَن تُصِيبَهُمۡ فِتۡنَةٌ أَوۡ يُصِيبَهُمۡ عَذَابٌ
أَلِيمٌ﴾ [النور: 63].
أَيْ:
يُخَالفُونَ أَمْرَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بتَرْك العَمَل بمُقْتَضَاهَا،
وَقيلَ: الضَّميرُ للَّهِ سُبْحَانَهُ؛ لأَنَّهُ الآمرُ حَقيقَةً، ﴿أَن
تُصِيبَهُمۡ فِتۡنَةٌ﴾ [النور:
63]، أَيْ: فِي الدُّنْيَا.
قَالَ
الشَّوْكَانـيُّ: وَالفتْنَةُ هُنَا غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاع
الفِتَنِ. وَقِيلَ هِيَ القَتْلُ. وَقِيلَ: الزِّلْزَالُ، وَقِيلَ: تَسَلُّطُ
سُلْطَانٍ جَائِرٍ عَلَيْهم، وَقِيلَ الطَّبْعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ﴿أَوۡ
يُصِيبَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾
[النور: 63]، أَيْ: فِي الآخِرَةِ، قَالَ: وَكَلمَة «أَوْ»: لِمَنْعِ الخُلُوِّ.
وَقَالَ
ابْنُ كَثِيرٍ: وَلْيَخْش مَنْ خَالَفَ شَريعَةَ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم
بَاطنًا وَظَاهرًا، ﴿أَن
تُصِيبَهُمۡ فِتۡنَةٌ﴾ [النور:
63]، أَيْ: فِي قُلُوبِهِم من كُفْرٍ أَوْ نِفَاقٍ أَوْ بِدْعَةٍ ﴿أَوۡ
يُصِيبَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾
[النور: 63] فِي الدُّنْيَا بقَتْلٍ أَو حَدٍّ أَو حَبْسٍ أَوْ نَحْو ذَلكَ.
وَقَالَ العَلاَّمَة ابْنُ القَيِّم: «لَمَّا أَعْرضَ النَّاسُ عَنْ تَحْكِيم الكِتَابِ وَالسُّنَّة، وَالمُحَاكَمَة إلَيْهِمَا، وَاعْتَقَدُوا عَدَمَ الاكْتفَاء بِهِمَا، وَعَدَلُوا إلَى