×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

إلَى البَهيميَّة، فَهِيَ أَشَدُّ فَتْكًا فِي المُجْتَمَعَات منَ الأَمْرَاض الوَبَائيَّة، لذَا يَجبُ عَلَى وُلاَة الأُمُور التَّنْكيلُ بمَنْ يَتَعَاطَى المُخَدِّرَات أَو يُرَوِّجُهَا؛ لأَنَّهُ من أَعْظَم المُخَرِّبينَ وَالسَّاعِينَ فِي الأَرْض بالفَسَاد، فَيَجِبُ أَخْذُهُمْ بالقُوَّة حِفَاظًا عَلَى أَمْن المُجْتَمَعَات، وَقَدْ نَهَى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عَن كُلِّ مُسْكرٍ وَمُفَتِّرٍ؛ حِفَاظًا عَلَى العُقُول، وَصيَانَةً لأَمْن المُجْتَمَع من أَنْ تَعْبَثَ بِهِ المُسْكرَات وَالمُخَدِّرَات.

6- وَلَمَّا كَانَ المَالُ قِوَامَ الحَيَاة، وَالحِفَاظ عَلَيْه من الضَّرُوريَّات، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلَا تُؤۡتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمۡوَٰلَكُمُ ٱلَّتِي جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمۡ قِيَٰمٗا [النساء: 5]، فَقَد حَرَّمَ اللَّهُ أَخْذَ أَمْوَال النَّاس بغَيْر حَقٍّ، وَالاسْتيلاَء عَلَيْهَا بغَيْر مُبَرِّرٍ، فَالاعْتدَاءُ عَلَى مَالِ الغَيْر كَالاعْتدَاء عَلَى دَمِهِ وَعِرْضِهِ فِي الحُرْمَة، كَمَا تَدُلُّ عَلَيْه الآيَاتُ وَالأَحَاديثُ.

وَمِنْ أَشَدِّ أَنْوَاع الاعْتدَاء عَلَى أَمْوَال النَّاس أَخْذُهَا بالسَّرقَة، وَهِيَ أَخْذُ المَال خُفْيَةً من حِرْز مثلِهِ، وَجَزَاءُ مَنْ فَعَل ذَلكَ قَطْعُ يَدِهِ، هَذِهِ اليَدُ الخَائنَة الَّتي امْتَدَّت إلَى مَا لاَ يَحِلُّ لَهَا، وَعَبثَت بالأَمْن، وَرَوَّعَت المُجْتَمَعَ جَزَاؤُهَا البَتْرُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ فَٱقۡطَعُوٓاْ أَيۡدِيَهُمَا جَزَآءَۢ بِمَا كَسَبَا نَكَٰلٗا مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٞ [المائدة: 38].

وَالسَّرقَةُ أَشَدُّ خُطُورَةً منَ اغْتصَاب المَال مُجَاهرَةً؛ لأَنَّ المُجَاهَرَةَ تَمْكُنُ مُدَافَعَتُهَا، وَعَمَل الاحْتيَاطَات المَانعَة من شَرِّها، أَمَّا السَّرقَةُ فَإنَّهَا مَكْرٌ خَفيٌّ، وَغَدْرٌ سيِّئٌ، يُؤْخَذُ بهَا الإنْسَانُ من مَأْمَنِهِ، وَتَدُلُّ عَلَى جَرْأَةِ المُجْرم حَيْثُ لَم تَمْنَعْهُ الحُرُوزُ وَالحُصُونُ، فَكَانَ جَزَاؤُهُ بَتْرَ يَدِهِ، وَتَعْطيلهَا عَلَيْه؛ رَدْعًا لَهُ، وَعِظَةً لغَيْره، وَبهَذَا يَتَوَفَّرُ الأَمْنُ للْمُجْتَمَع، وَيَطْمئنُّ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِم فِي بُيُوتِهِم وَمُسْتَوْدَعَاتهم، وَيُقْضَى عَلَى الجَريمَة.


الشرح